الحجّة الأولى : إنّ الدخان يضرّ بالأبدان وكلّما كان كذلك فهو حرام :
أمّا أنّه مضرّ بالأبدان(١) فنرى منه بالوجدان ما يغني عن البرهان ؛ فإنّه يبلد الأذهان ، ويسوّد الأسنان ، وينحّل الأبدان ، ويفسد الصدر ، ويضعّف القلب ، ويصفر اللون ، ويضيّق النفس ، ويفسد شهوة الطعام ، ويقلّل المنام ، ويجلب الخيالات والأوهام ، ويضرّ بالقوى ، وينقص الحرارة الغريزية ، ويورث في الشبّان أخلاطاً صفراوية ، وفي الشيوخ أخلاطاً سوداوية ، ويحرّك الآه ، ويسكّن ألباه ، ويكسر سورة الدم ، ويعفّن الفم ، ويخفّف صافي البلغم ، ويضعّف شهوة الجماع ، ويورث لغير المتعوّد به الدوار
__________________
(١) قال البهائي في ص٣٠٦ من كشكوله : ليس فيما ينفع البدن إسراف إنّما الإسراف فيماأتلف المال وأضرّ البدن. وقال بعض الحكماء : لا سرف في الخير كما لا خير في السرف. (منه)
أقول : إنّ ما نقله المصنّف عن الشيخ البهائي كان استشهاداً بالرواية الشريفة في الكافي(٦/٤٩٩) عن إسحاق ابن عبد العزيز قال : سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن التدلّك بالدقيق بعد النورة ، فقال : لا بأس ، قلت : يزعمون أنّه إسراف ، فقال : ليس فيما أصلح البدن إسراف ، إنّي ربّما أمرت بالنقي (أي لباب الدقيق) فيلتّ لي بالزيت فأتدلّك به ، إنّماالإسراف فيما أتلف المال وأضرّ بالبدن.
والظاهر أنّ المصنّف ذكر هذا المعنى في هامش المخطوطة ربّما أشار إلى دعوى من ادّعى أنَّ في شرب الدخان إسرافاً ، وقد نهي عنه في الكتاب العزيز والسنّة الشريفة ، ولا نعلم هل المصنّف أيّد هذه الدعوى أم توقّف فيها ؛ وذلك بالإشارة إليها فقط في الهامش حيث لا تنهض لإثبات دليلية الحرمة ، لأنّا لم نقف على تمام المخطوطة.