وقال صاحب المرقاة بعد أن أورد الحديث : «أي يؤلّفون ما ينزل من الآيات المفرَّقة ويجمعونها في سورها بإشارته»(١) ؛ قاله البيهقي ، ومن ثَمَّ قال الخطّابي : «كتب القرآن كلّه في عهد رسول الله لكنّه كان غير مجموع في موضع واحد ولا مرتَّب السور»(٢).
وكلام الخطّابي إن قصد فيه غير مجموع كاملاً فهو صحيح ؛ لأنّ الوحي لم ينتهِ بعد.
أمّا لو عنى بكلامه غير مجموع وحتّى ناقصاً عند الصحابة فقد أخطأ ؛ لأنّ الصحابة كانوا يدوّنون كلّ ما يسمعونه من القرآن فما نقص عند أحدهم أكمله الآخر ، فهم عندما كانوا يعودون من السفر كانوا يسألون عن نزول السور الجديدة فيتعلّمونها حفظاً ويدوّنونها كتابة ، وبذلك يكون القرآن مكتوباً كلّه عند جميعهم ، وهذا هو مانريد قوله : بأنّ للصحابة صحفاً أو مصاحفَ ، فقد يكون مصحف أحدهم أكمل من الآخر ، فكان الصحابي يسمِّي كتابه مصحفاً أو قرآناً من باب تسمية الجزء باسم الكلّ ، فيقال لعشرسور من القرآن قرآن ومصحف من باب التغليب ، وكذا يقال لخمس عشرة سورة من القرآن قرآن ومصحف ، وهكذا.
__________________
ح ٤٢١٧ ، صحيح بن حبّان ١/٣٢٠ / ح ١١٤ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٤/٢١٨ / ح ١٩٤٤٨ ، ٦ /٤٠٩ / ح ٣٢٤٦٦ ، المعجم الكبير ٥/١٥٨ / ح ٤٩٣٣ ، مسند أحمد ٥/١٨٤ / ح٢١٦٤٧ وغيرها.
(١) مرقاة المفاتيح ١ / ٤٥٦ ، ٥ / ١٠٢.
(٢) المرقاة ١/٤٥٦ ، انظر الإتقان : ١٦٠ / ح ٧٤٦ ، فتح الباري ٩/١٢ عن الخطابي.