طالب ، سمعته يقول : يا أيّها الناس ، لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلاَّ خيراً ـ أوقولوا له خيراً ـ في المصاحف ، وإحراق المصاحف ، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلاَّ عن ملأ مِنّا جميعاً.
فقال : ما تقولون في هذه القراءة؟ فقد بلغني أنّ بعضهم يقول : إنّ قراءتي خير من قراءتك ، وهذا يكاد أن يكون كفراً.
قلنا : فماترى؟
قال : نرى أن يجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ولا يكون اختلاف.
قلنا : فنِعْمَ ما رأيت.
قال : فقيل : أيّ الناس أفصح ، وأي الناس أقرأ؟ قالوا : أفصح الناس سعيدبن العاص ، وأقرؤهم زيد بن ثابت ، فقال : ليكتب أحدهما ، ويملي الآخر ، ففعلا ، وجمع الناس على مصحف. قال : قال عليّ : والله لو وُلِّيتُ لفعلتُ مثل الذي فَعَلَ»(١).
أجلْ إنّ الإمام أمير المؤمنين عليّاً عليهالسلام لا يمانع من وحدة المسلمين وتوحيد المصاحف وأخذهم بأصل واحد ـ وخصوصاً لو كان الأخذ عن الأصل المكتوب بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ لكنّه يمانع الحرق وما يستتبعه من تكثّر وجوه القراءة والقول في القرآن بالرأي والتقديم والتأخير في الآيات والنقصان والزيادة فيه و ... فإنّ هذه الأمور يخالفها الإمام عليّ عليهالسلام.
__________________
(١) المصاحف للسجستاني ١/٢٠٥ ـ ٢٠٦/ح ٧٧.