نعم إنّهم ابتدعوا هذه التعاليل وردّوا الروايات الدالّة على جمع الإمام عليّ للقرآن ، كي يثبتوا للنّاس بأنّ الخلفاء الثلاثة هم الذين جمعوا القرآن دون أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليهالسلام.
* * *
بهذا يمكننا أن نصطلح على الجمع المقصود في هذه المرحلة بأنّه جمع ترتيب الآيات من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ جواز تأليفه في مصاحف ؛ وإن كان مصحفاً ناقصاً.
ولا أنكر أن يكون تفسير القرآن السياقي كان سائداً عند الصحابة وأهل البيت ، فكلّ واحد منهم كان يكتب ما يحصل عليه من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في التفسير وتأويل الآيات ، وهي موجود بعضها اليوم في التفاسير المأثورة ـ مثل الدرّ المنثور للسيوطي وجامع البيان للطبري والبرهان في تفسير القرآن للبحراني وغيرهما ـ عن أولئك الصحابة وأهل البيت(١).
فسؤالنا هو : لماذا لا يأخذ الخلفاء الثلاثة بمصاحف كبار الصحابة والمجمع عليها وهم من جامعي القرآن على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين نراهم يبدءون بكتابة المصحف من جديد وبشاهدين؟
هل جاء أخذهم بالشاهدين للتثبّت حقّاً؟
__________________
(١) سنناقش تلك الروايات في القسم الثاني من هذه الدراسة : (مناقشة روايات التحريف).