هذا ، ولكنّ عمدة ما يرد على القول بأنّ ذوات الأدلّة هي الموضوع للعلم أنّ ذوات الأدلّة أمور متباينة لا جامع بينها حتّى يكون هذا الجامع الواحد هو الموضوع فلا محيص إلّا من فرض الجامع وهو ليس إلّا عنوان الحجيّة والدّليليّة فيرجع الأمر بالأخرة إلى أنّ الموضوع هو الأدلّة الأربعة بما هي أدلّة. وقد تصدّى شيخ سيّدنا الأستاذ العلامة الخراساني (قده) لدفع هذه الإشكالات بأنّ موضوع العلم لا هذا ولا ذاك بل هو الكلّيّ المتّحد مع موضوعات المسائل خارجا على وزان اتّحاد الطّبيعيّ مع الأفراد والمغايرة من حيث المفهوم فقط كما هو الشّأن في كلّ كلّيّ طبيعيّ بالنّظر إلى افراده. والإشكال على هذا الكلام تارة بأنّه ربما لا نعرف في بعض العلوم جهة مشتركة متّحدة مع موضوعات المسائل حتّى يكون هي الموضوع في ذلك العلم ، وأخرى بأنّه مع عدم تشخيص موضوع العلم وتمييزه قد يتداخل العلوم بعضها مع بعض في المسائل ولم يكن المعلوم أنّ المسائل من أيّ علم من العلوم وذلك ينافي تسالم أهل الميزان على أنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ؛ مندفع.
أمّا أوّلا فبأنّه ، لا بدّ وأن يكون بين مسائل كلّ علم من العلوم جهة مشتركه سارية في جميع موضوعات المسائل وهذه الجهة هي الموضوع لذلك العلم وأن لم نعرف اسمها. وأمّا ثانيا فبأنّه لا نسلّم هذا المتسالم عليه. بل نقول في قبالهم أنّ تمايز العلوم بتمايز الأغراض الدّاعية إلى تدوين العلم لا بتمايز الموضوعات فكلّ مسألة تكون دخيلة في غرض المدوّن تكون من جملة مسائل العلم المدوّن كيف ولو كان تمايز العلوم بتمايز الموضوعات لكان كلّ مسألة علما برأسه لاختلاف موضوعها مع سائر موضوعات المسائل هذا.
والحقّ أنّ تمايز العلوم بتمايز موضوعات تلك العلوم كما أنّ الحقّ أنّ موضوع علم الأصول الأدلة الأربعة بما هي متّصفة بهذا الوصف أي وصف الدّليلية فيقع الكلام في توضيح المرام في موردين :
الأوّل : في أنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات. والثاني : في أنّ موضوع علم الأصول الأدلة بما هي أدلّة.