ولا يكاد يرجع أحدهما إلى الآخر وبذلك قد يكون ذاتيّ باب عرضيّا في باب آخر وبالعكس.
أمّا ملاك الذّاتيّة في باب الطّبيعيّات ـ أي في اصطلاح الحكيم الطّبيعيّ ـ فهو بمعنى الجوهريّة وإنّ الجوهر هو الموجود في نفسه أو في ذاته بمعنى نفي الحيثيّة التّقييديّة لا التّعليليّة أي إنّ كلّما هو موجود لا في الموضوع وإنّه إذا وجد وجد لا في المحلّ المستغني يكون جوهرا مندرجا تحت مقولة الجوهر الّذي هو من الأجناس العالية وفي مقابل ذلك معنى الأعراض وهو في اصطلاح الحكيم هو الّذي إذا وجد وجد لا في ذاته بل في الموضوع والمحلّ المستغني والمقولات التّسع العرضيّة كلّها مشتركة في هذه الجهة وكلّها من الأجناس العالية الّتى ليس فوقها جنس على ما قرّر في محلّه هذا هو الملاك للعرضيّة والذّاتيّة أو النّفسيّة في اصطلاح الحكيم الطّبيعيّ.
وأمّا ملاك الذّاتيّ والعرضيّ في باب البرهان فهو كلّما يعلّل وكلّما لا يعلّل حتّى أنّه عرف الذّاتيّ بما لا يعلّل والعرضيّ بما يعلّل. والسرّ هو أنّ الذّاتيّ في هذا الباب هو المفهوم المنتزع من مقام ذات الشّيء بحيث يكفي ذات هذا الشّيء في انتزاع هذا المفهوم فلا يقبل التّعليل البتّة نظير الإمكان الذاتيّ الثّابت للماهيّات الإمكانيّة حيث إنّه ينتزع عن نفس ذات الماهيّة وتكون الماهيّة كافية في انتزاعه عنها ، فالإمكان ولو كان خارجا عن ذات الماهيّات إذ ليس جزء جنسيّا ولا فصليّا لها ولا عينها الّا أنّه ذاتيّ لها أى ذاتها كافية في انتزاعه عنها.
ومقابله العرضيّ وهو ما ليس كذلك فلا ينتزع عن مقام الذّات ولا يكفي نفس ذات الشّيء في انتزاعه فيعلّل ويقال عليه لم وبم.
وأمّا ملاك الذّاتيّ والعرضيّ في باب الكليّات الخمس. فالذّاتيّ هو كون المفهوم داخلا في الشّيء ومقوّما له فيقال له الذّاتيّ بمعنى المنسوب إلى الذّات ويكون جزء تحليليا للذّات.
والذّات في هذا المقام إنّما هو الصورة النوعيّة. كما أنّ العرضيّ المقابل للذّاتيّ بمعنى ما هو الخارج عن الشّيء ويكون متّحدا معه فيكون معنى الذّاتيّ والعرضيّ في اصطلاح أهل