وفق وقائع محدّدة يعرفونها عن قضية ما ، ولكن من حقِّ غيرهم كذلك الدعوة إلى استبدال القناعات وتغييرها متى توافرت لديهم وقائع جديدة قائمة على البراهين والأدلّة التي تنسف الاعتقادات الباطلة وتكشف عن الحقائق المغيّبة بأسانيد ثبوتية موثّقة ، وهذا ما حدث لي بالطبع مع جوانب مضيئة من التراث الثقافي لقرية العكر ، فقد أسبغ الله علينا بقراءة بعض كتب التراجم ومخطوطات الناسخين من أهالي النويدرات والعكر فوجدت في طيَّاتها تاريخاً مختلفاً عمّا هو سائد في اعتقادات بعض الناس ، فبدأت في الجمع والرصد والتحليل حتّى استطعت بحمده سبحانه وتعالى إعداد مسودّة هذا البحث وأملي أن يعيد هذا الجهد الحق لأهله ، وأن يرسم بسمة الثقة والأمل على شفاههم.
والعكر وبربورة هما قريتان تاريخيتان متجاورتان ومتداخلتان في حدودهما منذ زمن بعيد ولا نعرف بداياته الأولى ، فهما كما تدلّ على ذلك الخرائط الجغرافية والتاريخية البريطانية تقعان بالقرب من الساحل الشرقي لجزيرة البحرين الأمّ ، وهو شريط تستقرّ عليه مجموعة قرى بحرانية ومنها الكورة والجبيلات ، وجد علي ، وجرداب ، وسند ، وناصفة ، وبربورة ، والنويدرات ، والمعامير ، والعكر ، ثمّ قرى وشبافة ، وسلبا ، وأبي جرجور ، وعسكر وأبي جرجور حتّى قرية (جو) في الجنوب الشرقي للجزيرة الأم ، وفي هذا الصدد يقول مؤرّخنا وأديبنا الكبير الشيخ محمّد علي التاجر البحراني عن الموقع الجغرافي لقرية العكر مدار بحثنا أنّها إحدى قرى الساحل الشرقي المذكور والمواجه مباشرة لجزيرة سترة من جهتها الغربية :