وسيتبيّن لنا من خلال التوضيحات المكمّلة لهذا البحث أنّ ما ورد على الاحتمال «ألف» من إشكال فإنّه لا يرد على احتمالنا هذا.
أوّلاً : ـ وكما مرّ آنفاً ـ إنّ الكثير ممّا نقله الكلبي قد جاء ملخّصاً في التفسير الواضح المتداول لدينا اليوم وفي التفسير المنسوب لابن عبّاس تحت اسم تنوير المقباس ، كما وردت هذه المنقولات في الجزء الذي وصل إلينا اليوم من أصل تفسير الكلبي الذي لم يتمّ العثور على نسخته الكاملة إلى يومنا هذا ، حيث يمكن أن يكون الوزير المغربي هو الذي أخذ بمثل هذه المنقولات من أصل تفسير الكلبي وذلك لشدّة رغبته وفرط اهتمامه بأمر السيرة وتعيين مبهمات أسباب النزول ثمّ نسبها لأبي جعفر أي الإمام الباقر عليهالسلام وذلك لأنّ تفسير الكلبي لم يكن مقبولاً في الأوساط السنّية في غضون القرنين الثالث والرابع الهجريّين في العراق والشام ومصر.
وبناءً على ذلك فإنّه ليس من الضروري أن نبحث عن تفسير شيعيٍّ اشتمل على النصِّ الكامل لهذه المنقولات المنسوبة إلى الإمام الباقر عليهالسلام حتّى يرد الإشكال الذي ذكرناه آنفاً من أنّ مثل هذا التفسير لو كان موجوداً لكان في متناول علمائنا.
ثانياً : إنّ أكثر اهتمام الكلبي(١) إنّما هو بمواضيع أسباب النزول والسيرة وغموض الآيات النازلة في صدر الإسلام ، وذلك خلافاً لما كان عليه تلامذة
__________________
(١) إنّ ابن محمّد بن سائب الكلبي هذا (ت ١٤٦ هـ) واسمه هشام بن محمّد الكلبي (ت ٢٠٦ هـ) هو الآخر أيضاً ألّف تفسيراً باسم تفسير الآي التي نزلت في أقوام بأعيانهم. انظر الفهرست لابن النديم ، تحقيق رضا تجدّد ص ٣٧.