بكر ـ لا أنّه قَدْ تَخَوَّفَ من إقدامه على فعل لم يفعله رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ فقال :
«... وقد تسوّل لبعض الرّوافض أنّه يتوجّه الاعتراض على أبي بكر بما فعله من جمع القرآن في المصحف ، فقال :
كيف جاز أن يفعل شيئاً لم يفعله الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ؟
والجواب : أنّه لم يفعل ذلك إلاّ بطريق الاجتهاد السّائغ النّاشىء عن النّصح منه لله ولرسوله ولكتابه ولأئمّة المسلمين وعامّتهم ، وقد كان النبيّ (صلى الله عليه وآله) أذن في كتابة القرآن ، ونهى أن يكتب معه غيره ، فلم يأمر أبو بكر إلاّ بكتابة ما كان مكتوباً ، ولذلك توقّف عن كتابة الآية من آخر سورة براءة حتّى وجدها مكتوبة ، مع أنّه كان يستحضرها هوومن ذكر معه.
وإذا تأمّل المنصف ما فعله أبو بكر من ذلك جزم بأنّه يعدّ في فضائله ، وينوّه بعظيم منقبته ، لثبوت قوله (صلى الله عليه وآله) : (مَنْ سنَّ سنّةً حَسَنَةً فلهُ أجْرُها وأجْرُ مَنْ عَمِل بها) ، فما جمع القرآن أحد بعده إلاّ وكان له مثل أجره إلى يوم القيامة.
وقد كان لأبي بكر من الاعتناء بقراءة القرآن ما اختار معه أن يردّ على ابن الدّغنة جواره ، ويرضى بجوار الله ورسوله ، وقد تقدّمت القصّة مبسوطة في فضائله.
وقد أعلم الله تعالى في القرآن بأنّه مجموع في الصحف في قوله (يَتْلُوا صُحُفاً مُّطَهَّرَةً) الآية.
وكان القرآن مكتوباً في الصحف لكن كانت مفرّقة ، فجمعها أبو بكر