في مكان واحد ، ثمّ كانت بعده محفوظة إلى أن أمر عُثمان بالنّسخ منها ، فنسخ منها عدّة مصاحف وأرسل بها إلى الأمصار كما سيأتي بيان ذلك»(١).
وقال الزركشي : «وإنّما طلب القرآن متفرّقاً ليعارض بالمجتمع عند من بقي ممّن جمع القرآن ، ليشترك الجميع في علم ما جمع ، فلا يغيب عن جمع القرآن أحد عنده منه شيء ، ولا يرتاب أحد فيما يودع المصحف ، ولا يشكّوا في أنّه جُمِع عن ملأ منهم...» إلى أن يقول :
«إنّ تلك المصاحف الّتي كتب منها القرآن كانت عند الصّدّيق لتكون إماماً ، ولم تفارق الصّدّيق في حياته ولا عمر أيّامه ، ثمّ كانت عند حفصة لا تُمَكّن منها ، ولمّا احتيج إلى جمع الناس على قراءة واحدة وقع الاختيار عليها في أيّام عثمان ، فأخذ ذلك الإمام ونسخ في المصاحف الّتي بعث بها إلى الكوفة ، وكان الناس متروكين على قراءة ما يحفظون من قراءتهم المختلفة حتّى خيف الفساد ، فجمعوا على القراءة الّتي نحن عليها ، قال : والمشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان ، وليس كذلك إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار ، لمّا خشِىَ الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات والقرآن»(٢).
وقال أبوزهرة في المعجزة الكبرى : «ولا نترك الكلام... من غير أن
__________________
(١) فتح الباري لابن حجر ٩ / ١٣.
(٢) نصوص في علوم القرآن ٣/٢٧٢ عن البرهان في علوم القرآن.