نقرّر حقيقتين ثابتتين ،تدلاّن على إجماع الأُمّة كلّها على حماية القرآن الكريم من التّحريف والتّغييروالتّبديل ، وأنّه مصون بصيانة الله سبحانه وتعالى له ومحفوظ بحفظه ، وإلهام المؤمنين بالقيام عليه وحياطته :
الأُولى : أنّ عمل زيد لم يكن كتابة مبتدأة ولكنّه إعادة لمكتوب ، فقد كتب كلّه في عصر النّبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وعمل زيد الابتدائيّ هو البحث عن الرِّقاع والعظام الّتي كان قد كتب عليها والتّأكّد من سلامتها بأمرين : بشهادة اثنين على الرُّقعة الّتي تُوجد فيها الآية أو الآيتان أوالآيات ، وبحفظ زيد نفسه وبالحافظين من الصّحابة ، وقد كانوا الجمّ الغفير والعدد الكبير ، فما كان لأحد أن يقول : إنّ زيداً كتب من غير أصل مادّيّ قائم بل أنّه أخذ من أصل قائم ثابت مادّيّ.
وبذلك نقرّر أنّ ما كتبه زيد هو تماماً ما كتب في عصر النّبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وأنّه ليس كتابة زيد ،بل هو ما كتب في عصره(صلى الله عليه وآله) وما أملاه ، وما حفظه الرّوح القُدُس.
وإذا كان ما كتبه عُثمان من بعد ذلك قد قوبل بما كتب في عصر النّبيّ(صلى الله عليه وآله) فالمُصْحَف العُثمانيّ الّذي بقي بخطّه إلى اليوم هو مطابق تمام المطابقة لما كتب في عصرالنّبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وأنّه يجب ألاّ يخرج عنه قارئ في قراءة بزيادة حرف أو نقص ، قد تكون القراءات متغيّرة في أصوات المقروء وأشكال النّطق ، ولكن لا يمكن أن تكون متغيّرة بزيادة أو نقص ، فذلك هو الخروج عن الرّسم الّذي وضع في عصر محمّد(صلى الله عليه وآله) بإقراره(صلى الله عليه وآله).