والثّانية : أنّ عمل زيد لم يكن عملاً أحاديّاً بل كان عملاً جماعيّاً من مشيخة صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ذلك أنّ زيداً بطبيعة عمله أعلن بين النّاس ما يريد ، ليأتيه كلّ من عنده من القرآن ما هو مكتوب بما عنده ، وقد علموا مقدار ما ينبغي لكتاب الله من عناية ، فذهبوا إليه وذهب إليهم وتضافر معه من كانوا يعاونونه غير مدّخرين جهداً إلاّ بذلوه في عناية المؤمن بكتاب الله تعالى الّذي يؤمن به...»(١).
أقول : كان هذا هو كلام المحاسبي وابن حجر والزركشي وأبو زهرة ، ويمكن ردّه بعدّة أُمور.
أوّلاً : بقاء السؤال وتراوحه في مكانه فلا أدري أجمعها هو من عند نفسه أم كان بأمر من الرسول(صلى الله عليه وآله) حسبما أراده المحاسبي وابن حجر.
ثانياً : إنّ جملة المحاسبي : «وإنّما أمر الصدّيق بنسخها من مكان إلى مكان» ، وجملة ابن حجر : «فلم يأمر أبوبكر إلاّ بكتابة ما كان مكتوباً» ، وجملة الزركشي : «ليشرك الجميع في علم ما جمع ، فلا يغيب أن جمع القرآن أحد عنده منه شيء».
كلها جمل يريدون الاستفادة منها بأنّ عمل أبي بكر كان بوصية من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وهي مثلما تقول به الشيعة في مصحف الإمام عليّ ، من
__________________
(١) نصوص في علوم القرآن ٣/٤١٧ عن المعجزة الكبرى.