المهمّة(١).
لكنّي أرى في كلامه مساساً بكرامة الرسول(صلى الله عليه وآله) وَتَرْجيحاً لرأي عمر عليه.
إذ كيف لا يخشى رسول الله(صلى الله عليه وآله) من تغيير حال الناس في المستقبل ويخشاه عمر ؛ وهو(صلى الله عليه وآله) العارف بانقلاب أُمّته من بعده حسب صريح القرآن (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ).
«قال ابن بَطّال : إنّما نفر أبو بكر أوّلاً ، ثمّ زيد بن ثابت ثانياً ، لأنّهما لم يجدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعله ، فكرها أن يحلاّ أنفسهما محلَّ من يزيد احتياطه للدّين على احتياط الرّسول ، فلمّا نبّههما عُمر على فائدة ذلك ، وأنّه خشية أن يتغيّر الحال في المستقبل إذا لم يجمع القرآن ، فيصير إلى حالة الخفاء بعد الشّهرة رجعا إليه».
قال : «ودلّ ذلك على أنّ فعل الرّسول إذا تجرّد عن القرائن وكذا تركه لا يدلّ على وجوب ولا تحريم» ، انتهى.
ثمّ أضاف ابن حجر :
«وليس ذلك من الزّيادة على احتياط الرّسول ، بل هو مستمدّ من القواعد الّتي مهّدها الرسول.
قال ابن الباقلاّنيّ : كان الّذي فعله أبو بكر من ذلك فرض كفاية بدلالة
__________________
(١) وذلك بعد تعليل ابن بطّال لخبر البخاري.