أيضاً وهو بصدد ذمّ اختلاف العلماء في الفُتيا :
«تَرِد على أحدهم القضيّة في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ، ثمّ ترِد تلك القضيّة بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ، ثمّ يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوّب آراءهم جميعاً ، وإلههم واحد ! ونبيّهم واحد ! وكتابهم واحد !
أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه ؟!
أم نهاهم عنه فعصَوه ؟!
أم كانوا شركاءه فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى ؟!
أم أنزل الله سبحانه ديناً تامّاً فقصّر الرسول(صلى الله عليه وآله) عن تبليغه وأدائه ؟! والله سبحانه يقول : (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْء) (١) وقال : (تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْء) (٢) ، وذكر أنّ الكتاب يصدّق بعضُه بعضاً ، وأنّه لا اختلاف فيه ، فقال سبحانه : (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (٣) وإنّ القرآن ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تُكشف الظلمات إلاّ به»(٤).
ويقول في نصٍّ آخر في صفة من يتصدّى لحكم الأُمّة وهو ليس له
__________________
(١) الأنعام : ٣٨.
(٢) النحل : ٨٩.
(٣) النساء : ٨٢.
(٤) نهج البلاغة ١ / ٥٥ خطبة ١٨ ، من كلام له عليهالسلام في ذمِّ اختلاف العلماء في الفتيا ، وشرح النهج ١ / ٢٨٨.