بأهل :
«... لا يَدْري أصَابَ أمْ أَخْطأ ؛ فَإنْ أصَابَ خَافَ أنْ يَكونَ قد أخْطأ ، وإنْ أخْطأَ رَجَا أنْ يَكُونَ قَدْ أصَابَ. جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالات ، عَاش رَكَّابُ عَشَوَات ، لَمْ يَعَضَّ عَلى العِلْمِ بِضِرْس قَاطِع ، يُذري الرِّوايَاتِ إذراء الرِّيحِ الهَشِيمَ ، لا مَلِيٌّ ـ واللهِ ـ بإصدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ ولا هو أهْلٌ لِمَا فوِّضَ إليه ، لا يَحْسبُ العِلْمَ في شَيء ممّا أنْكَرَهُ ، ولا يَرَى أنَّ مِنْ وَراءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ ، وإنْ أظْلَمَ عليه أمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ ، تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءُ ، وَتَعَجُّ مِنْهُ المَواريثُ. إلى الله أشْكُو مِنْ مَعْشَر يَعيشُونَ جُهَّالاً ، وَيَمُوتُونَ ضُلاّلاً»(١).
أجل ، إنّهم لمّا ابتعدوا عن الأصل الواحد والمكتوب في عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) والموجود في بيته ، كان عليهم القول بشرعية تعدّد الآراء والقراءات ، وهذا ما فعلوه في كلِّ شيء(٢) ، حتّى تراهم يشرّعون المذاهب الأربعة لاحقاً ، أي يشرّعون التعدّدية وفي الوقت نفسه يحضرون على مذهب أهل البيت عليهمالسلام من الدخول ضمنها ، وقد وضّحنا خلفية هكذا اُمور في كتابنا منع تدوين الحديث فمن أحبَّ فليراجع هناك.
فقد عرفت بهذا وجه بطلان قول الأستاذ الكردي من عدم وجود
__________________
(١) نهج البلاغة ١ / ٥١ ـ ٥٤ ، خطبة ١٧ ، من كلام له عليهالسلام في صفة من يتصدّى للحكم بين الأُمّة وليس لذلك أهل ، وانظر شرح النهج ١ / ٢٨٣.
(٢) حتّى في أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، انظر كتابنا (منع تدوين الحديث).