وتسأل : لقد رأينا العلماء يطيلون الكلام عن عوارض الموضوع وتقسيمها ، وعن الواسطات وأنواعها ، فهل من ضرورة لذلك في القدرة على الاستنباط؟
الجواب :
أما بالنسبة إليّ فقد مارست الفقه وأصوله أمدا غير قصير درسا وتدريسا ومذاكرة وكتابة ، وما تصورت على الاطلاق الواسطة في العروض وغيرها. أما بالنسبة الى غيري فهو أدرى.
التعريف
الأصول جمع أصل ، وأصل الشيء في اللغة أساسه القائم عليه ، وهذا المعنى بالذات هو المراد بأصول الفقه ، وإذن فلا نقل ولا مجاز في كلمة الأصول هنا. وقالوا في تعريف علم الأصول : إنه علم بالقواعد التي يتوصل بها الى استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها ، فالأمر يدل على الوجوب قاعدة أصولية ، فإذا تعلق بالصلاة مثلا جعلناه قاعدة صغرى في الدليل ، والقاعدة الأصولية كبرى وقلنا : أقيموا الصلاة أمر ، وكل أمر يقتضي الوجوب ، ينتج ان الصلاة واجبة.
الغاية
وبالتالي نستخلص من هذا التعريف ان كل مسألة لا ينبني عليها حكم شرعي فرعي مباشرة وبلا واسطة فهي دخيلة على علم الأصول وغريبة عنه. وقد وضح مما قدمناه في فقرة «الموضوع والتعريف» أن الغاية من علم الأصول استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها. والأحكام الشرعية نوعان : منها تكليفية ، وهي الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ، ومنها وضعية مثل الصحة والفساد ، ويأتي التفصيل.
وليس من شك أن من تمكن من علم الأصول فهو كامل العدة والآلة لاستخراج الحكم الشرعي من دليله ، ويستطيع الدفاع عن رأيه بمنطق الحق والعلم. وهذا هو عين الاجتهاد. وبذلك يتبين معنا انه لا مجتهد بلا علم بأصول الفقه ، ولا