وأيضا يجري في الكلام التقسيم الى العام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والمنطوق والمفهوم ، والمفصّل والمجمل ... الى غير ذلك من مباحث الألفاظ. وبيان القرآن مختص بالكلام فقط.
ولمناسبة ذكر المفصل نشير الى أن له قسمين : نصا ، وهو لا يقبل احتمال الخلاف ، وظاهرا ، وهو يقبل احتمال الخلاف ، أما المحكم والمبين فهما مرادفان للمفصل. وسنعود الى الموضوع ثانية إن شاء الله.
البيان بالفعل
ويكون البيان بالفعل كالركوب في سيارة الأجرة ، والجلوس على كرسي المزين ، والى مائدة المطعم ، وأخذ السلعة المكتوب عليها ثمنها ودفعه كاملا للبائع.
واتفق المسلمون قولا واحدا على أن السنّة النبوية هي قول النبي وفعله وتقريره أي أن الثاني والثالث كالأول في إفادة الأحكام على التفصيل الآتي. وهنا سؤال لا بد وأن يطرح ، وهو هل فعل النبي بيان للواجب أو للمندوب أو للمباح وعدم الحظر؟ والجواب ليس للفعل صيغة تدل على الوجوب أو على غيره من الأحكام سواء أصدر عن المعصوم أم عن غير المعصوم ، وإنما يختلف نوع الفعل تبعا للوجوه والاعتبارات ، أجل إن فعل المعصوم قد يكون بيانا للحكم الشرعي ، وقد لا يكون. وإليك التفصيل :
١ ـ أن يفعل النبي كإنسان لا كمبلغ للوحي كالأكل والمشي في الأسواق. وهذا النوع ليس من السنّة وبيان الشريعة في شيء.
٢ ـ أن يفعل ما نعلم أنه من خصائصه دون أمته كالزواج الدائم بأكثر من أربع. وهذا ليس شرعا لنا كي نستن به.
٣ ـ أن يفعل ونحن نعلم أنه يهدف من جملة ما يهدف من فعله هذا الى بيان واجب مجمل نجهل كيفيته وشروطه وأجزاءه كالصلاة ، والحج ، فيصلي الفريضة ، ويؤدي المناسك ويقول : «صلّوا كما رأيتموني أصلي. خذوا عني مناسككم». وليس من شك ان هذا النوع شرع وسنّة على الوجوب في حق الجميع. وكذلك لو علمنا بوجه الندب كالدعاء عند رؤية الهلال ، وجلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية وقبل القيام للركعة التالية. وبكلمة ان فعل النبي يدل على الوجوب إن كان تفسيرا لواجب ، وعلى الندب ان كان تفسير لمندوب.