٤ ـ أن يفعل النبي ما نجهل وجه الفعل وصفته ، وهل هو واجب أو مندوب أو مباح؟ وليس من شك ان هذا الفعل إن كان عبادة فهو على الندب ومجرد الرجحان ، لأن عبادة الله سبحانه شكر وطاعة ، وان لم يكن عبادة يخرج عن الحظر وكفى ، فيجوز فعله لأن النبي (ص) فعله كما هو الفرض ، ويجوز تركه حيث لا دليل على الوجوب والإلزام بعد أن افترضنا ان حكم الفعل متردد بين الوجوب والندب والإباحة. ويأتي في باب البراءة ان شاء الله أن أية واقعة تردد حكمها بين الوجوب وغير الحرمة فالأصل فيها الإباحة بإجماع الأصوليين وكبار الإخباريين.
وقيل : بل حكم فعله (ص) الذي نجهل وجهه هو الندب وان لم يكن من نوع العبادة لقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ـ ٢١ الأحزاب». ويبطل هذا القيل بأن المراد من حسن التأسي هنا أن نوقع الفعل على الوجه الذي أوقعه الرسول ، إن واجبا فواجب ، أو ندبا فمثله ، أو مباحا فكذلك. ومن حمل فعل الرسول على وجه لا يعرفه فهو غير متأس به ، بل مفتر عليه إلا مع الشبهة.
البيان بالتقرير
إذا حدث أمر من قول أو فعل بمرأى المعصوم ومسمعه ، وسكت عنه حيث لا حاجز ولا مانع من الإنكار والردع ، إذا كانت هذه هي الحال ، كان سكوته دليلا على الرضى والتقرير. وتسأل : كيف يكون السكوت بيانا؟ ألم يتفق الفقهاء على انه لا ينسب لساكت قول ولا رضى؟ وأي فقيه يقول بأن سكوت المدعى عليه اعتراف منه بالدعوى؟.
الجواب :
إن حكم السكوت يختلف تبعا لحال الساكت ووظيفته ، فإن كانت وظيفته الكلام والبيان ، والنهي عن المنكر كان سكوته دليلا على رضاه ، ما في ذلك ريب ، وإلا لزم التقرير على الحرام ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ، وهو محال في حق المعصوم. أجل ، يجوز تأخير البيان الى وقت الحاجة أي وقت امتثال التكليف ، أما عنها فلا. وبديهي ان وظيفة النبي هي الأمر بالمعروف والنهي