عن المنكر ، كما في العديد من الآيات ، ومنها الآية ١٥٧ من سورة آل عمران.
وهناك دلالات كثيرة غير لفظية ، ولكنها تلحق باللفظية حجة واعتبارا ، منها الدلالة العقلية كدلالة الحدوث على المحدث ، والمعلول على علته ، ومنها دلالة المعجزة على صدق دعوى النبوة ، ومنها دلالة الضد على ضده ، كما قال المتنبي : «وبضدها تتبين الأشياء». وقيل للإمام أمير المؤمنين (ع) : صف لنا العاقل. قال : هو الذي يضع الشيء في موضعه. فقيل له : صف لنا الجاهل. فقال : قد فعلت.
ومنها دلالة الشيء المذكور على حكم مسكوت عنه ، لأنه ملازم حتما للمذكور. مثال ذلك قوله تعالى : («فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) ـ ١١ النساء». فالمذكور في الآية سهم الأم فقط وهو الثلث ، والمسكوت عنه سهم الأب ، ولكن السامع أو القارئ يمكن أن يعرف سهم الأب وانه الثلثان ، من ثلث الأم لأنه لازم طبيعي لحصر الارث بهما. وهذه هي طريقة القرآن الكريم في الإيجاز ، فإنه يحذف من الآية أو القصة كل ما يمكن فهمه بالملازمة الحتمية.
ومنها دلالة مفهوم الموافقة أو فحوى الخطاب مثل («فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) ـ ٢٣ الإسراء» حيث دل النهي المذكور على النهي المسكوت عنه ، وهو الشتم والضرب.
ومنها دلالة الاقتضاء ، وذلك اذا توقفت صحة الكلام على التقدير مثل «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان» مع العلم بأن أمة محمد (ص) كغيرها في عدم العصمة من الخطأ والنسيان. واذن فلا مناص من تقدير محذوف به يصح الكلام ، وهو إثم الخطأ والنسيان أو حكمهما. احفظ هذا فإنه مفتاح لفهم بعض الدروس الآتية ، وحل لطلاسمها.