لهذا النوع من الوضع التعييني ، لأن الذي عيّنه وبيّنه واضع مريد.
الثاني أن ينشأ الوضع من الاستعمال مع القرينة وعلى سبيل المجاز ، ثم يتكرر حتى يلتصق ويلتحم المعنى باللفظ ، ويفهم منه بلا قرينة ، ويصبح المعنى الأول منسيا. وعندئذ يصبح حقيقة فيه ، ويسمى هذا بالوضع التعيني ، لأن سببه طبيعي لا إرادي. وبكلام أوضح إن التعيين من فعل الانسان وإرادته ، أما التعين فأثر حتمي للاستعمال وشيوعه.
وتجدر الاشارة الى ان الوضع من حيث هو لا يتصف بالكلية والجزئية ، ولا بالعام والخاص ، إذ لا وجود له في الخارج يقع تحت حاسة من الحواس.
الوضع
كثرت الأقوال حول أصل اللغة ، واختلفت اختلافا كبيرا ، فمن قائل : انه غيبي إلهي ، وقائل : إن أصل اللغة صيحات وصرخات كانت تعبر عن مشاعر الانسان ، ثم تطورت مع الزمن الى كلمات. وقال ثالث : بل الأصل تقليد أصوات الطبيعة ومحاكاتها. أما تمحيص هذه الأقوال وغيرها فمضيعة للوقت ، لبعدها عن الفقه وأصوله .. هذا مع العلم بأني أجهل تاريخ اللغات وأصولها.
طرق المعرفة الى الوضع
من الواضح ان مجرد استعمال اللفظ في المعنى لا يدل على انه حقيقة فيه أو مجاز ، لأن الاستعمال أعم ، والعام لا يدل على خاص بعينه .. أجل ، اذا شككنا في مراد المتكلم من اللفظ حملناه على المعنى الظاهر من كلامه ، وبديهي ان الأصل هو العمل بالظاهر في تعيين المراد ، شيء وإثبات الوضع بان الأصل في الاستعمال هو الحقيقة ، شيء آخر .. والمدرك الأول للفرق هو مبنى العقلاء.
وهناك طرق لمعرفة الوضع غير الاستعمال ، ذكر منها المحقق القمّي في قوانينه أربعة ، والشيخ التقي في حاشيته على المعالم اثني عشر طريقا ، وأنهاها بعضهم الى عشرين أو تزيد ، وأكثرها حبر على ورق. وفي الطرق الثلاث الآتية كفاية وزيادة ، وغنى عن مئونة الاعتساف :