حاجته الى العلم بمعاني الأسماء والأفعال! .. وأحسب ان هذا الجواب لا يقنع أحدا من أهل العلم والتحصيل ما دام على الفقيه أن يعد نفسه إعدادا كاملا ومكينا للاستنباط ، وأن يحيط بكل ما يتوقف عليه العلم بمراد الشارع من نصه وخطابه.
هذا ، الى ان المعنى الحرفي الذي درسناه نحن في كتب الأصول عند أساتذة النجف ـ لا يمت بأي سبب الى الفقه واستنباط الأحكام حيث تكلم مؤلف الكتاب الذي ندرسه ، وأطال الكلام هو والأستاذ وأرباب الشروح والحواشي والتعليقات ، وأطنبوا في الوضع وأقسامه ، وفي تصور الموضوع له عند الوضع وخصوصه وعمومه وفي الملحوظ واللاحظ وتعدد اللحاظ وفنائه في المستعمل فيه .. الى غير ذلك مما طلقته الحياة والثقافة والفقه وأصوله ـ ثلاثا لا رجعة فيها.
وبعد ، فإن لكل زمان شئونه وأفكاره ، ولا لوم على من ساير الزمان وأهله ، وانما اللوم على من عاش بجسمه في عصر الفضاء ، وبعقله في القرون الوسطى.
عودا وبدءا
كان من قصدي أن أمسك ولا أزيد شيئا عما قلت حول المعنى الحرفي حيث رأيت فيه آنذاك ما يفي بالمطلوب ، وحين أوشكت أن أقدم هذا الجزء الى المطبعة أحسست من نفسي الرغبة في أن أعطف على ما سبق الإيجاز التالي خشية أن أكون قد أهملت ما لا ينبغي إهماله ، على أن يكون المعطوف عودا وبدءا ، تابعا ومستأنفا في آن واحد.
يطلق لفظ الحروف على حروف التهجي التسعة والعشرين التي تبدأ بالألف وتنتهي بالياء ، وهي لمجرد تأليف الكلمة وتركيبها ، ولا وظيفة لها وراء ذلك ، ولا تدل بنفسها على شيء إلا عند الصوفية الذين يكفرون بالحس والعقل ، ولا يؤمنون إلا بشيء يسمونه حدسا تارة ، وتارة بأسماء يسمونها تكشف بزعمهم عما وراء الأستار والعقول والأبصار. ويقولون ـ على سبيل التوضيح ـ : الألف تشير إلى السماء لأنها كالاصبع حين تشير الى أعلى ، والياء ترمز الى الأرض لأنها كالنعل تدوس وجه الأرض .. الى آخر الشطحات والخيالات.
وأيضا تطلق الحروف على حروف المعاني ، وهي التي تدل بنفسها على معنى