في غيرها مثل «من وإلى» ومن أجل هذا قالوا في تعريف المعنى الحرفي بأنه تابع لغيره ولا يستقل بنفسه وجودا ولا تعقلا ، ولا يكون ركنا في الكلام إلا مع الضميمة ، ويقابله المعنى الاسمي أي هو الذي يستقل بنفسه وجودا وتصورا ويكون ركنا في الكلام بلا ضميمة مثل رجل وفرس وشجر وحجر.
وبعد هذه الإشارة الى الفرق بين المعنى الاسمي والحرفي ، نشير بإيجاز الى أقسام الوضع تبعا لمن فعل ذلك من الأصوليين .. واقرأ معي على مهل ـ يا طالب النفع والفائدة ـ ما ألقوه عليّ وعليك من تلك الغوامض والدقائق : إذا تصور الواضع ـ مثلا ـ فردا خاصا ومعينا تصدق عليه كلمة إنسان ، تصوره بقصد أن يسميه هو بالذات لا أن يسمي الانسان الكلي ، وبالفعل سمى هذا الفرد الخاص زيدا ، إذا حدث هذا يكون الوضع فيه وفي أمثاله خاصا والموضوع له خاصا. وقالوا : هذا القسم من الوضع ممكن وواقع بلا خلاف.
وإذا تصور الواضع معنى عاما كالانسان بهويته الحيوانية الناطقة بقصد أن يسميه هو لا أحدا سواه ، وسماه بهذه الكلمة أو بغيرها ـ يكون الوضع عاما والموضوع له عاما لصدقه على كثير. وأيضا هذا القسم من الوضع ممكن عندهم وواقع بلا خلاف.
وإذا تصور الواضع معنى عاما كالإنسان ، ولكن لا بقصد أن يسميه هو بالذات ، بل اتخذ من تصوره طريقا ووسيلة الى تصور فرد معين من أفراده لكي يسميه ، وسماه زيدا ـ مثلا ـ لأنه مشتمل عليه ، إذا كان ذلك يكون الوضع عاما والموضوع له خاصا. وهذا القسم من الوضع متفق على جوازه وإمكانه ، وإنما الخلاف في حدوثه ووجوده بالفعل.
قال صاحب الحاشية الكبرى على المعالم : ان جماعة من المحققين قالوا بوقوعه وعدّوا منه معاني الحروف والمبهمات كالضمائر وأسماء الموصول والاشارة وكلمات الاستفهام ونحوها.
وإذا تصور الواضع فردا من كلي عام ، كما لو تصور زيدا الذي يشتمل على ماهية الانسان ، تصور هذا الفرد لا بقصد أن يسميه ، بل ليتخذ من تصوره وسيلة الى تصور الانسان الكلي وتسميته ، وبالفعل وضع له كلمة إنسان أو غيرها ، إذا كان هكذا يكون الوضع خاصا والموضوع له عاما. وقد اختلفوا في إمكان هذا القسم وجوازه فضلا عن وقوعه.