الصحيح والأعم
لمجرد التمهيد
نمهد لهذا الفصل بالمثال الآتي : لنفترض انك باشرت بالصلاة تلبية لأمره تعالى ، وبعد الفراغ منها أيقنت بإقامتها على الوجه الأكمل ، اذا حصل لك هذا اليقين فقد امتثلت وخرجت من عهدة التكليف حتى ولو كانت الصلاة باطلة في واقعها ما دمت غير وان ولا مقصر ، واذا أيقنت بفساد ما أتيت فعليك الإعادة ، أما اذا شككت في أمرها وهل أقمتها صحيحة أو باطلة فعليك قبل كل شيء أن تنظر الى السبب الموجب لهذا الشك. والفروض كثيرة ، ونذكر منها اثنين :
١ ـ أن يكون سبب الشك هو انك بعد الفراغ احتملت الإخلال بجزء واجب من الصلاة كالفاتحة. والحكم هنا المضي وعدم الإعادة بالاتفاق ، لأن الشك حدث بعد الفراغ. وليست هذه المسألة من موضوعنا في شيء وذكرناها للتمييز بين الأصيل والدخيل.
٢ ـ أن يكون سبب الشك هو انك تركت شيئا كالسورة عن قصد وعمد ظنا منك بعدم وجوبها ، وبعد الفراغ شككت في صحة الصلاة حيث خيّل اليك مجددا ان ما تركته عامدا ربما كان واجبا في الواقع ، وان ظنك كان مجرد وهم ، اذا حدث مثل هذا فما هو الحكم؟ وهل هناك أصل لفظي يثبت صحة هذه الصلاة والاكتفاء بها مثل (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) أو لا وجود لهذا الأصل والاطلاق. وعندئذ يتحتم الرجوع الى الأصول العملية كالبراءة أو الاحتياط؟.
والجواب عن هذا التساؤل يتوقف على معرفة النتيجة لمبحث الصحيح والأعم الذي عقدنا له هذا الفصل.