اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ(٩٦) و (٩٧)﴾
ثمّ استشهد سبحانه على مغايرة دين اليهود لملّة إبراهيم بإعراض اليهود عن تعظيم الكعبة ، الذي هو من أعظم شعائر ملّته عليهالسلام ، بقوله : ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ﴾ في العالم ﴿وُضِعَ﴾ من جانب الله ، وجعل معبدا ﴿لِلنَّاسِ﴾ وقبلة لكافّة الخلق ، والله (١)﴿لَلَّذِي﴾ هو كائن ﴿بِبَكَّةَ﴾ والبلد الحرام ، واسمه المعروف مكّة.
عن الباقر عليهالسلام : « إنّما سمّيت مكّة بكّة ، لأنّه يبك (٢) بها الرّجال والنّساء ، والمرأة تصلّي بين يديك وعن يمينك و[ عن ] شمالك (٣) ومعك ، ولا بأس بذلك ، إنّما يكره في سائر البلدان » (٤) .
وقيل : لأنّها تبكّ أعناق الجبابرة ، يعني تدقّها (٥) .
وقيل : إنّ بكّة هي عين الكعبة (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام ، في رواية ، « البيت بكّة ، والقرية مكّة » (٧) .
وفي ( العلل ) : عنه عليهالسلام : « إنّما سمّيت مكّة بكّة ؛ لأنّ النّاس يبكّون (٨) فيها » (٩) يعني يزدحمون.
وفي رواية أخرى : « لبكاء النّاس حولها » (١٠) .
وعن الباقر عليهالسلام قال : « لمّا أراد الله أن يخلق الأرض أمر الرّياح فضربت متن (١١) الماء حتّى صار موجا ، ثمّ أزبد فصار زبدا واحدا ، فجمعه في موضع البيت ، ثمّ جعله جبلا من زبد ، ثمّ دحا الأرض من تحته ، وهو قول الله تعالى : ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ﴾(١٢) .
وزاد في ( الفقيه ) : « فأوّل بقعة خلقت من الأرض الكعبة ، ثمّ مدّت الأرض منها » (١٣) .
وفي ( الكافي ) : عن الصادق عليهالسلام قال : « كان موضع الكعبة ربوة من الأرض بيضاء ، تضيء كضوء الشّمس والقمر ، حتّى قتل ابنا آدم أحدهما صاحبه فاسودّت ، فلمّا نزل آدم عليهالسلام رفع الله له الأرض كلّها حتّى رآها ، ثمّ قال : هذه كلّها لك ، قال : يا ربّ ، ما هذه الأرض البيضاء المنيرة قال : هي حرمي (١٤) في أرضي ، وقد جعلت عليك أن تطوف بها في كلّ يوم سبعمائة طواف » (١٥) .
__________________
(١) لقسم على أن البيت كائن في مكّة ، لكن في روح البيان ٢ : ٦٦ ( لذي ببكة ) خبر لأنّ.
(٢) أي يزدحم الرجال والنساء فيها لكثرتهم.
(٣) زاد في النسخة : وعن يسارك.
(٤) علل الشرائع : ٣٩٧ / ٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٣٠.
(٥) تفسير أبي السعود ٢ : ٦٠.
(٦) جوامع الجامع : ٦٤.
(٧) علل الشرائع : ٣٩٧ / ٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٣٠.
(٨) في المصدر : يتباكّون.
(٩) علل الشرائع : ٣٩٧ / ١ ، تفسير الصافي ١ : ٣٣٠.
(١٠) علل الشرائع : ٣٩٧ / ٢ ، تفسير الصافي ١ : ٣٣٠.
(١١) في الكافي : فضربن وجه.
(١٢) الكافي ٤ : ١٨٩ / ٧ ، تفسير الصافي ١ : ٣٣٠.
(١٣) من لا يحضره الفقيه ٢ : ١٥٦ / ٦٧٠.
(١٤) ( حرمي ) ليس في المصدر.
(١٥) الكافي ٤ : ١٨٩ / ٤.