واطّلاعه بجميع أعمالهم.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ
إِيمانِكُمْ كافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ
وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ(١٠٠) و (١٠١)﴾
ثمّ لمّا بيّن سبحانه أنّ أهل الكتاب يصدّون المؤمنين عن سبيل الله ، ويحتالون في صرفهم عن الحقّ ، وردّهم إلى الأعقاب صرف الخطاب إلى المؤمنين تكريما لهم ، ونهاهم عن اتّباعهم لطفا بهم ، بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بالرّسول وبدين الإسلام ﴿إِنْ تُطِيعُوا﴾ وتتّبعوا ﴿فَرِيقاً﴾ وطائفة كافرة ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ﴾ دون فريق المؤمنين بمحمّد صلىاللهعليهوآله كعبد الله بن سلام وأضرابه ﴿يَرُدُّوكُمْ﴾ بحيلهم وتلبيساتهم ﴿بَعْدَ إِيمانِكُمْ﴾ بمحمّد ودينه ومع ثباتكم عليه ، إلى أعقابكم ، وأخلاق جاهليتكم ، حال كونهم ﴿كافِرِينَ﴾ بمحمّد صلىاللهعليهوآله مرتدّين عن دين الإسلام.
ثمّ أنكر سبحانه عليهم الكفر ، واستبعد منهم الارتداد تثبيتا لهم على الدّين ، بقوله : ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ﴾ وأي سبب يبعثكم في الارتداد ، وأي داع يدعوكم إليه ﴿وَأَنْتُمْ﴾ في حال وشأن مقتض للثّبات على الإيمان ، وهو أنّه ﴿تُتْلى﴾ وتقرأ ﴿عَلَيْكُمْ﴾ حينا بعد حين ، وساعة بعد ساعة ﴿آياتُ اللهِ﴾ القرآنيّة المشتملة على إعجاز البيان والحكم والعلوم ، والمواعظ البالغة من ربّكم ، وهي نور لقلوبكم ، وشفاء لما في صدوركم ، وضياء لأبصاركم ، وهدى ورحمة لكم ، ﴿وَ﴾ مع ذلك يكون ﴿فِيكُمْ﴾ ومعكم ﴿رَسُولُهُ﴾ الذي يقرّر لكم كلّ حجّة ، ويزيل عنكم كلّ شبهة بعبارة وافية ، ويزجركم عن كلّ سوء بمواعظ شافية.
ومن الواضح أنّ هاتين النّعمتين من أعظم موجبات الثّبات ، وأقوى على الإيمان ، وأقوى الزّواجر عن الكفر والارتداد.
ثمّ حثّهم إلى الإلتجاء إلى رسوله عند توارد الشّبهات ، بقوله : ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ﴾ بالالتجاء إلى رسوله في موارط الفتن ، والاستمساك بذيله عند تلاطم أمواج البلايا والشّبهات ، وفي مزال الأقدام عند منازلة أعداء الدّين وجهاد النّفس والشّياطين ﴿فَقَدْ هُدِيَ﴾ بتوفيق الله ، وارشد بدلالته ﴿إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ وطريق قويم موصل إلى كلّ خير مؤدّ إلى رضوان الله والنّعم الدّائمة.
في وقوع التنازع بين الأوس والخزرج في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله وبيان قوة تأثير القرآن في النفوس
روي أنّ نفرا من الأوس والخزرج كانوا جلوسا يتحدّثون ، فمرّ بهم شاس بن قيس