النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٠٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد أمره بالتّقوى والثّبات على الدّين ، بيّن طريق الاعتصام بالله وبرسوله الذي جعله وسيلة للهداية ، بقوله : ﴿وَاعْتَصِمُوا﴾ وتمسّكوا ﴿بِحَبْلِ اللهِ﴾ ودينه ، أو كتابه المجيد ، حال كونكم ﴿جَمِيعاً﴾ ومتّفقين في الاعتصام بحيث لا يشذّ منكم أحد.
فشبّه سبحانه دين الإسلام أو القرآن بالحبل الوثيق المأمون من الانقطاع والانفصام ، فكما أنّ المتمسّك بذلك الحبل مأمون من التّردّي من المكان المرتفع ، كذلك المتمسّك بدين الإسلام أو القرآن العزيز مأمون من الوقوع في الكفر والضّلال في الدّنيا ، ومن التّردّي في نار جهنّم في الآخرة.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « أما أنّها ستكون فتنة » قيل : فما المخرج منها ؟ قال : « كتاب الله ؛ فيه نبأ من قبلكم ، وخبر من بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو حبل الله المتين » (١).
ويحتمل أن يكون مراده صلىاللهعليهوآله من الفتنة فتنة السقيفة ، وغصب الخلافة ، ومن قوله : « فيه نبأ من قبلكم » : قضيّة السّامريّ والعجل.
وعن ابن مسعود : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « هذا القرآن حبل الله تعالى » (٢) .
وروى الفخر الرّازي في تفسيره : عن أبي سعيد الخدري ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « إنّي تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله تعالى حبل ممدود من السّماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي » (٣) .
عن القمّي رحمهالله : الحبل : التّوحيد والولاية (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام : « آل محمّد صلىاللهعليهوآله حبل الله المتين الذي أمر بالاعتصام به » (٥) .
وعن الكاظم عليهالسلام : « عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حبل الله المتين » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام : « نحن الحبل » (٧) .
وعن السجّاد عليهالسلام قال : « الإمام منّا لا يكون إلّا معصوما ، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ، ولذلك لا يكون إلّا منصوصا » فقيل له : يا بن رسول الله ، فما معنى المعصوم ؟ فقال : « المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن (٨) ، والقرآن يهدي إلى الإمام ، وذلك قول الله تعالى : ﴿إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ
__________________
(١) تفسير الرازي ٨ : ١٦٢.
(٢) تفسير الرازي ٨ : ١٦٢.
(٣) تفسير الرازي ٨ : ١٦٢.
(٤) تفسير القمي ١ : ١٠٨ ، تفسير الصافي ١ : ٣٣٧.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٣٣٤ / ٧٦٢ ، تفسير الصافي ١ : ٣٣٧.
(٦) تفسير العياشي ٣٣٣ / ٧٦١ ، تفسير الصافي ٣٣٨.
(٧) أما لي الطوسي : ٢٧٢ / ٥١٠.
(٨) زاد في معاني الأخبار : لا يفترقان إلى يوم القيامة ، والإمام يهدي إلى القرآن.