فالهذلي يقرأ (عتّى حين) يريد (حتّى حين) لأنّه هكذا يلفظ بها ويستعملها (أي بقلب الحاء عيناً في النطق).
والأسدي يقرأ (يِعْلَمُون ، ونِعْلَمُ ، وتِسْوَدُّ وجوه ، أَلمْ إعْهَدْ إليكم) بكسر حروف المضارعة في ذلك كلِّه.
والتميميّ يهمز ، والقرشيّ لا يهمز ، والآخر يقرأ : (قيل لَهُمْ) ، (وَغِيض الماءُ) بإشمام الضمِّ مع الكسر و (هذه بضاعتنا ردَّت إلينا) باشمام الكسر مع الضمِّ و (ما لك لا تأمنّا) بإشمام الضمِّ مع الإدغام»(١).
هذا وقد بيّن الزرقاني في مناهل العرفان : «... الحكمة في نزول القرآن على الأحرف السبعة هو التيسير على الأمّة الإسلاميّة كلّها ، خصوصاً الأمَّةَ العربية التي شوفهت بالقرآن ، فإنّها كانت قبائل كثيرة ، وكان بينها اختلافٌ في اللهجات ونبرات الأصوات وطريقة الأداء وشهرة بعض الألفاظ في بعض المدلولات ، على رغم أنّها كانت تجمعها العروبة ، ويوحّد بينها اللسان العربيّ العامّ ، فلو أخذت كلّها بقراءة القرآن على حرف واحد لشقّ ذلك عليها ، كما يشقُّ على القاهري منّا أن يتكلّم بلهجة الأسيوطي مثلا وإن جمع بيننا اللسان المصري العام ، وألّفت بيننا الوطنية المصرية في القطر الواحد ، وهذا الشاهد تجده ماثلاً بوضوح بين الأحاديث السالفة في قوله(صلى الله عليه وآله) في كلِّ مرَّة من مرَّات الاستزادة (فرددتُ إليه أنْ هوِّنْ على أُمّتي) وقوله :
__________________
(١) تأويل مشكل القرآن : ٣٢.