فالجمع بمعنى التأليف لا يمكن تصوّره إلاّ من قبل النبيّ ؛ لأنّ القرآن قد نزل عليه(صلى الله عليه وآله) ، وهو أعلم الناس بمكان الآيات فيه ، فلا يمكن لغيره جمعه إلاّ نفسه ، وهو الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، حتّى أعيان الصحابة أمثال ابن مسعود وأُبيّ ، فلا يمكنهما جمع القرآن إلاّ تحت إشراف النبيّ(صلى الله عليه وآله).
كما لا يعقل أن يترك النبيّ(صلى الله عليه وآله) ما جمعه إلى الأقدار ، فكان عليه(صلى الله عليه وآله) أن يجمعه في بيته وخلف فراشه ، ويكلّف وصيّه عليهالسلام بجمعه بين الدفّتين من بعد وفاته.
إذن الكتاب العزيز موجود ، والعترة سهيمة في تدوين هذا القرآن وجمعه ، وهذا هو معنى الترابط الموجود بين القرآن والعترة الذي أكد عليه رسول الله ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض.
وأنّ في جلوس الإمام عليّ عليهالسلام بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) في بيته كي يجمع القرآن تأكيد على هذه الرابطة ، وأنّ القرآن لا يجمع إلاّ بيد وصيِّ محمّد(صلى الله عليه وآله) كما في أخبار أهل البيت.
وبما أنّ العلماء أغفلوا بيان هذا الأمر في تاريخ جمع القرآن فقد رأيت من الواجب عليّ الاهتمام به ورفع الستار عنه ، لأنّها توضّح للباحثين الترابط بين القرآن والعترة وبعض الأمور العالقة في أمر الخلافة والقرآن.
فعمر بن الخطّاب ـ في مرض رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ ، وأبي بكر ـ لمّا جلس