بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) على أريكته ـ أرادا الدعوة إلى الاكتفاء بالقرآن(١) ، وعملهم هذا يرشدنا إلى أمر حيويّ ومهمّ في تاريخ جمع القرآن لم يسلّط الضوء عليه.
فهما لمّا عرفا إرادة النبيّ وتأكيده على العترة دعوا إلى الاكتفاء بالقرآن.
وقد يكون رسول الله(صلى الله عليه وآله) بدعوته الصحابة ـ أيّام مرضه ـ أن يأتوه بالكتف والدواة أراد مضافاً إلى التأكيد على إمامة الإمام عليّ عليهالسلام ، إرشادهم إلى وجود آيات نازلة في أهل بيته وأنّهم خلفاءه من بعده.
كما أنّ عمر بن الخطّاب وبقوله : «حسبنا كتاب الله» أراد أن يقول للنبيّ(صلى الله عليه وآله) : لا داعي لأن تذكّرنا بتلك الآيات ، فهي موجودة بأيدينا ، وفي صدورنا ، وهي تكفينا عنك وعمّا تريد الوصية به (فحسبنا كتاب الله).
وقد صدر مثل هذا الكلام من عمر للإمام عليّ حينما أتاه بالمصحف المفسّر فقال له : «انصرف به معك ، لا تفارقه ولا يفارقك».
وسؤالنا : هل هناك ترابط بين قول عمر أيّام خلافته ، لمّا أراد أن يكتب السنن : «وإنّي ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ، فأكبّوا عليها ، فتركوا كتاب الله تعالى ، وإنّي والله لا أُلبِسُ كتابَ الله بشيء أبداً»(٢) ، أو «أُمنية كأُمنية
__________________
(١) وهما اللذان قيل عنهما بأنهما جمعا القرآن بعد رسول الله.
(٢) الجامع لمعمر بن راشد ١١ / ٢٥٧ / ح ٢٠٤٨٤ ، مصنّف عبدالرزاق ١١ / ٢٥٨ ، باب كتابة العلم ح ٢٠٤٨٤ ، تقييد العلم / ٤٩ ، المدخل إلى السنن الكبرى ١ / ٤٠٧ / ح ٧٣١.