رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا يعني ترك كتاب الله ، كما ليس هناك شبه بين القرآن والتوراة ، وبين حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأقوال أحبار بني إسرائيل.
وبهذا فإنّ ما طرحناه في الصفحات السابقة قد ابتنى على حقائق ووثائق ، ولم يبتن على التشهير والتسقيط كما يشيعه عنّا الآخرون ، فالباحث ـ أيّ باحث ـ يمكنه أن يناقشنا ويردّ كلامنا ويأتي بنقيضه ، أمّا دعوى بأنّ كلامنا غير واقعي ، أو أنّه كلام طائفي ، أو أنّه يثير الفتنة ، أو ما شابه ذلك ، فلا نقبله ، مؤكّدين بأنّنا لم نأتِ بجميع ما حكوه وقالوه ورووه في جمع القرآن(١) فلو أردنا أَنْ ننظر إلى الأُمور نظْرَةً رمادية وأن نتعامل مع النصوص الروائية الموجودة عندهم كما تعاملو هم معنا ، لأَمكننا أن نقول فيهم وفي أخبارهم أَكْثَرَ ممّا قالوه فينا ، لكنّا نتغاضى ونعفو عمّا سلف ، ونماشيهم ونسايرهم فيما قالوه عن روايات التحريف الموجودة في كتبهم وإن كنّا لا نقبل بتأويلاتهم لتلك الأخبار وأنّها محمولة على كذا وتلك على كذا.
وأنّ ما قلناه لحدّ الآن ، جاء للحدّ من تطرّفهم وما قالوه بِأْن «ليس في مجامعنا الحديثية حَدِيْثٌ واحِدٌ دالٌّ على تحريف القرآن الحكيم»(٢).
بل نرى فيما قالوه وادّعوا في جمع القرآن من إهمال رسول الله(صلى الله عليه وآله) جمع كتاب ربّه ، وتأخّر هذا الجمع إلى زمن خلافة عثمان ـ أي إلى حدود سنة ٢٤ للهجرة ـ هو المنفذَ الذي دخل من خلاله المستشرقون وأعداء الدين
__________________
(١) أو ما روي عندهم في تحريف القرآن.
(٢) اُنظر الشيعة والقرآن لإحسان إلهي ظهير : ٢٥.