الناس ، لجلاء نصوصها ، بخلاف روايات جمع القرآن بعد رسول الله فهي تنخر الدين من الأعماق وتحفر أنفاقاً تحت الثوابت والقوائم الأصيلة ، فهي أخطر من روايات التحريف وخصوصاً لو طرحت في إطار قواعد ثابتة وأصول حديثية ورسمت لها مقدّمات مثل : أنّ رسول الله كان أمّي لا يعرف القراءة ، والصحابة لم يدوّنوا القرآن على عهد رسول الله بل اكتفوا بحفظه إلى غيرها من عشرات المقدّمات الباطلة والهدّامة.
وهنا مسألة أخرى ترتبط بالأحاديث عموماً ، ومنها أخبار التحريف يجب توضيحها أيضاً ، وهي الإستدراج وتسلسل الحلقات في طرح الفكرة ، فلو وضعنا الواحدة تلو الأخرى لحصلنا على شيء خطير ، فغالب الجمهور يعتقدون بصحّة جميع ما في الكتب الستّة ، مع اعتقادهم أيضاً بكون السنّة قاضية على القرآن ، فهذا لو جُمع مع فكرتهم عن (عدم قبولهم بعرض الحديث على القرآن) للتأكّد من صحّته ، فيصير معنى كلامهم : عدم وجود ضابطة صحيحة لمعرفة الحديث الصحيح من السقيم ، والغلّ من الصافي في الأحاديث النبويّة ، بل لزوم الأخذ بما في الكتب الستّة دون أيّ اعتراض ، لأنّها مروية بطرق صحيحة وهي سنّة ثابتة وقاضية على القرآن لا يمكن الخدشة فيها ، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى : من المعلوم إنّ الروايات الدالّة على تحريف القرآن في المجاميع الحديثية عند أهل السنّة والجماعة تتجاوز العشرات بل تدخل حيّز المئات ، وأنّ الباحث لو تأمّل فيها لرأى السهم الأوفر منها مروية عن