رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان مشرّع ، والخليفة غير مشرّع ، فعلى الخليفة أن يحدّث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وبما أنّه كان لا يعرف جميع ما حدّث به رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فكان عليه أن يسأل الصحابة عن تلك المواضيع حتّى يفتيهم بها.
وإنّ تكرار هذه الحالة كانت تضعّف من مكانة الخليفة ، فقد تراه ـ في بعض الأحيان ـ يفتي بشيء والصحابة يخطِّؤونه بأحاديث سمعوها أو كتبوها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وهذا الموقف من الصحابة كان يؤذيه.
فكان عليه أن يتلافى المشكلة ويغلق منافذها ، إذ أنّ مقارنة فتاواه مع القرآن وأحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله) ، ثمّ بيان وجه الخلاف بين فتواه وبين أصول التشريع سيسوق الناس إلى التعريض به والوقوف أمام آرائه ، فكان عليه أن يشرّع الاجتهاد لجميع الصحابة ـ كي يعذر نفسه في فتاواه ـ ثمّ يحصرها في نفسه متأخّراً على أنّه خليفة المسلمين ، ولا يجوز لأحد أن يفتي خلاف رأيه ، وقد فعل ذلك بالفعل.
وأنّ مشكلة القرآن كانت تشابه مشكلة الحديث ، فالخليفة من جهة ليس عنده مصحف رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ومن جهة أخرى مشغول بالصراعات الداخلية ، وهو يعلم في الوقت نفسه بانشغال الإمام عليّ عليهالسلام بجمع القرآن وتدوينه ، وعنده المكتوب على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فالخليفة من جهة كان لا يريد أن يعطي امتيازاً لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ومن جهة أخرى يريد الوقوف على القرآن الكريم مدوّناً عنده.