فهل سمعت كاتباً أو شاعراً أو مؤلِّفاً قد سمح للناس كلّ الناس أن يغيّروا كلامه كيف ما شاءوا وحيثما شاءوا ، بشرط أن لا يبدّلوا المدح ذمّاً والذمّ مدحاً؟ كلاّ ، وألف لا ، بل نراهم يحاسبون أصحاب المطابع على الأخطاء الموجودة في كتبهم مع أنّها هي اُمور سهوية يعذر فيها غير المعصوم.
فكيف يمكن للباحث تصوّر التبديل والتغيير في كلام الله الموزون في جمله وآياته وسوره؟ بل كيف يمكن تجويز التغيير في كتاب الله النازل على سبيل التحدّي والبلاغة؟
قال ابن الجزري : «ولا زلت استشكل هذا الحديث ـ أي حديث نزول القرآن على سبعة أحرف ـ وأفكّر فيه وأمعن النظر من نحو نيّف وثلاثين سنة حتّى فتح الله عليّ بما يمكن أن يكون صواباً إن شاء الله تعالى ، وذلك أنّي تتبّعت القراءات صحيحها وضعيفها وشاذّها فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه ...»(١)!!
إنّ فكرة تفسير نزول القرآن على سبعة أحرف كان من ورائها الخلفاء الثلاثة ، وإنّ ما نقلوه من تفسير لها لم يكن من قبل النبيّ كما يدّعون ، منوّهاً على أنّ بعض علماء مدرسة الخلفاء أرجع الأحرف السبعة إلى القراءات السبعة ، وهذا ما لا يقبله الجميع.
__________________
(١) انظر تاريخ القرآن : ٨٧.