نعم إنّهم أرادوا الاستفادة من حديث الأحرف السبعة لتصحيح القراءات المختلفة المنقولة عن الصحابة والتابعين ، وهذا لا يمكنهم الاستدلال به أيضاً ؛ لأنّه ثبت في علم القراءات عدم تواتر القراءات عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وأنّها إمّا كانت من اجتهادات القرّاء أو منقولة بالآحاد ، وأقصى ما أمكنهم إثباته هو تواترها عن الأئمّة السبعة ، إذ قد جوّز ابن الجزري وغيره الأخذ بأيّ قراءة بشرط أنّ توافق العربية ولو بوجه ، سواء كانت تلك القراءة صادرة عن السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمّة المقبولين.
فقراءة (يَطْهُرْنَ)(١) بـ : (يَطَّهَّرْنَ) ـ والذي من خلاله يختلف الحكم الشرعي ـ لم يأت طبق رواية سمعوها من رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، فهي من اجتهادات القرّاء أو الفقهاء ، وهذا ما قاله كثير من علماء الجمهور.
قال الزركشي في البرهان : «القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمّد(صلى الله عليه وآله) للبيان والإعجاز ، والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف ، وكيفيّتها من تخفيف وتشديد وغيرهما ، والقراءات السبع متواترة عند الجمهور ، وقيل بل هي مشهورة. وقال أيضاً : والتحقيق أنّها متواترة عن الأئمّة السبعة. أمّا تواترها عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) ففيه نظر ، فإنّ إسنادهم بهذه القراءات السبع موجود في كتب القراءات ، وهي
__________________
(١) في قوله : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَـحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَـحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ).