القرآن فترفعه الملائكة على عربية(١)» تشريفاً من الله للمسلم وسعة عليه.
فقد يكون دعاة الأحرف السبعة استفادوا من هذا التجويز للقول بأنّ الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) سمحا لجميع المؤمنين بذلك.
على أنّ قراءة أولئك الأعاجم لم تكن قرآن تلاوة وذكر منصوص عليه من قبل الله تعالى ، بل هو قرآن تبرّك وتسهيل وتوسعة لغير العربي ، هذا بعكس ما يريده القائل بالأحرف السبعة ، فذلك يعتبره قرآناً منزلاً يجوّز القراءة به في الصلاة.
بهذا فقد عرفت بأنّ بعض الصحابة جوّزوا لأنفسهم تبديل النصوص القرآنية شريطة أن تكون موافقة للقواعد العربية ، أو قل إنّهم استحسنو قراءة القرآن وفق اجتهاداتهم ، كما أنّهم غيّروا ما زعموه مخالفاً للقواعد بلفظ يوافقها وسمّوا كلّ تبديل لهم بأنّها قراءة شاذّة ، وسمّوا عملهم هذا بعلم القراءة ، كما سمّوا أنفسهم بالقرّاء. ومعنى ذلك إنّهم شرّعوا التعدّدية في القراءات والأحكام ، وهذا ما لا ترتضيه مدرسة أهل البيت.
قال القرطبي في تفسير سورة الحمد :
«التاسعة والعشرون : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) ولغة القرآن (الَّذين) في الرفع والنصب والجر ؛ وهذيل تقول : الّلذونَ في الرفع.
ومن العرب من يقول : اللذو (٢).
__________________
(١) الكافي ١ / ٦١٩ / ح ١ باب أنّ القرآن يرفع كما أُنزل.
(٢) البحر المحيط لأبي حيان ١ / ٢٦ : وأستعماله بحذف النون جائز كذا في اللسان.