فغلظ له عمر ، فقال له أُبيِّ : أأتكلّم؟ فقال تكلّم ، فقال : لقد علمت أنّي كنت أدخل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) ويقرئني وأنتم بالباب ، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت ، وإلاّ لم أقرئ حرفاً ما حييت! قال بل أقرئ الناس. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه»(١).
«وعن أبي إدريس الخولاني أنّ أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ، فقرؤوا يوماً على عمر : (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام) فقال عمر : من أقرأكم هذا؟ قالوا أبيّ بن كعب. فدعا به فلمّا أتى قال : إقرأوا ، فقرؤوا كذلك ، فقال أبيّ : والله يا عمر إنّك لتعلم أنّي كنت أحضر ويغيبون وأُدنى ويحجبون ، ويصنع بي ، ويصنع بي ، ووالله لئن أحببت لألزمنّ بيتي فلا أحدّث شيئاً ولا أقرئ أحداً حتّى أموت! فقال عمر : اللهمّ غفراً ، إنّا لنعلم أنّ الله قد جعل عندك علماً فعلّم الناس ما علمت»(٢).
وأخرج ابن مردويه «عن عبدالرحمن بن عوف ، قال : قال لي عمر : ألسنا كنّا نقرأ فيما نقرأ : (وجاهدوا في الله حقّ جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوّله)؟ قلت : بلى ، فمتى هذا يا أمير المؤمنين؟ قال : إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء»(٣).
__________________
(١) المستدرك للحاكم ٢ / ٢٤٥ / ح ٢٨٩١ ، كنز العمّال ٢ / ٢٤٠ / ح ٤٧٤٥.
(٢) كنز العمّال ٢ / ٢٥٢ / ح ٤٨١٥ ، ٤٨١٦.
(٣) الدرّ المنثور ٦ / ٧٨.