قوام أمر دينهم ودنياهم أحد المراجع العامّة في التقليد ... وقد أحيا به الله تعالى جماعة من طلبة العلم ، أنامهم في حماه المنيع ، وسهر في تربيتهم وتكميلهم ... ولولاه لم يكن في هذا المشهد الشريف أحد من أهل العلم ، وأرجو من الله أن يطيل في عمره الشريف ...» ، والترجمة من السيّد الصدر للتقي الشيرازي ترجمة زمالة ومعاصرة ، فهو زميله في الدرس ، ومن المعاشرين له والمتباحثين معه في العلوم والمعارف إذ يقول عنه : «عاشرته سنين تقرب من العشرين ، لم أر منه زلّة ، ولا أنكرت منه خلّة ، وكان بيني وبينه مباحثة مذاكرة اثنتي عشرة سنة ، لا أسمع منه إلاّ الأنظار الدقيقة ، والأفكار العميقة ، والتنبيهات الرشيقة ...»(١).
إلاّ أنّ الظروف السياسية والأوضاع العصيبة فرضت نفسها على الموقف فلم تساعده تلك الظروف على مواصلة رسالة أُستاذه في سامرّاء «وقد انفضّ عنه أكثر الطلاّب والمدرّسين فعادوا إلى النجف أو كربلاء والكاظمية ومنهم من عاد إلى إيران ، وقد اضطرّ هو نفسه إلى الهجرة من سامرّاء على أثر الاحتلال البريطاني لها في أواخر الحرب العالمية الأُولى ، فاستقرّ في كربلاء ...»(٢).
هكذا انتهى مصير الحوزة العلمية في سامرّاء ، ولم يبق فيها من دروس العلم ومن العلماء إلاّ صبابة كصبابة الإناء ، إذ هجرها العلم والعلماء من أتباع
__________________
(١) تكملة أمل الآمل : ٥ /٢٩٥ ـ ٢٩٦ ، وانظر : هدية الرازي : ٨١.
(٢) لمحات : ١٠١١٣.