إخوانهم السنيّين تداركه بإخلاص وحكمة ، فإنّ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه .... الحديث(١).
أمّا اطّراد مبادئ الجرح والتعديل وتطبيقها على الجميع على السواء فقد أجمع عليه أصحابنا الإمامية من غير فرق بين الناس ، وتلك مؤلّفاتهم في هذا الموضوع تشهد بذلك ؛ ومن ألمّ بها وجدها صريحة بجرح المجروحين من الرواة مطلقاً وقد صرّحت بسقوط جماعة من رجال الشيعة عن درجة الاعتبار بكذبهم ووضعهم وأعلنت تضعيف الضعفاء منهم حتّى تناولت بذلك بعض أبناء أئمّتنا مع مزيد إخلاصنا لأهل بيت الحكمة والعصمة ولنا في هذا الموضوع كتاب حافل تحفة المحدّثين وفّقنا الله لنشره وهو ممّا يروقكم.
استشعرنا من نقدكم الهادئ أنّ تحكيم العقل الصرف في الأحاديث ربّما كان ممنوعاً. ولذا قلتم : إنّه مبدأ يحتاج إلى أن أفرد له بحثاً خاصّاً.
فللّه أنتم ما أولاكم بالتنبيه إلى دقائق المسائل العلمية ، وأنتم تعلمون أنّه إنّما يكون تحكيم العقول ممنوعاً إذا لم يستقلّ بالحكم ، أمّا إذا استقلّ بالحكم كما هو الشأن في كثير من حديث أبي هريرة فلا مندوحة عن البخوع لحكمه ناهيك به حينئذ حجّة بالغة.
وبعبارة أخرى إذا كان مدلول الحديث مخالفاً للعادة المستمرّة كإحياء الموتى الغابرين مثلا فلا حكم للعقل هنا واجب الاتّباع. أمّا إذا كان مدلوله
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ / ٩٨.