ويكون لذلك مهرجان عظيم ، وتفد الناس من كلِّ فج عميق إلى زيارة ضريحها الشريف ، وكذلك تقصدها الناس بالزيارة بكثرة لا سيّما في يوم الأحد ، وهي عادة قديمة ورثها الخلف عن السلف ، والأصل في ذلك أنّ أفضل ما يزار به الولي من الأيّام هو اليوم الذي توفّي فيه ، بل قالوا لا يزار إلاّ في هذا اليوم إن علم ذلك ، وإلاّ ففي اليوم المجمع عليه جرياً على العادة ، والسيّدة ـ رضي الله عنها ـ لا يقصدها الزائرون بكثرة إلاّ في هذا اليوم ، اقتداءً بما تواتر عن اسلافهم ، وكان يزورها كافور الأخشيدي في ذلك اليوم ، كما كان يزور السيّدة نفيسة بنت سيّدي الحسن في يوم الخميس ، وكذلك كان يفعل أحمد بن طولون ، وكان الظافر بنصر الله الفاطمي لا يزورها إلاّ في نفس هذا اليوم ، وإذا أتى إلى مقامها الشريف يأتي حاسر الرأس مترجّلا ، ويتصدّق عند قبرها ، وينذر لها النذور وغير ذلك ، واقتفى أثر هؤلاء من جاء بعدهم من الملوك والسلاطين والأمراء ، وكان الظاهر (جقمق) أحد ملوك مصر في القرن الثامن الهجري توقد له في هذا اليوم الشموع ، وتنار أرجاء المشهد بالقناديل الملوّنة ، ولازم زيارتها في هذا اليوم كثير من العلماء والأولياء وأهل الفضل ، ولا زال ذلك جارياً إلى الآن من العامّة والخاصّة ، وفي القرن السابع الهجري كان السيّد محمّد العتريس(١) اعتاد أن يقيم هو وفقراؤه حضرة ،
__________________
(١) السيّد محمّد القرشي المعروف بالعتريس ، هو أخو السيّد إبراهيم الدسوقي أحد الأولياء المشهورين ، والسيّد أبي عمران موسى ، والسيّد عبدالله القرشي ، وكلّهم أشقّاء