المؤمنين وقربه منه ، وشهادته مشاهده ، وأخذه القرآن عنه عليهالسلام(١) ؛ كان عبد الرحمن يسأل عن المراد من بعض آيات الذكر الحكيم فيجيب ، وقد سأله الحكم عن معنى قوله تعالى : (وَأَثَابَهُم فَتْحاً قَرِيْباً وَأُخْرَى قَدْ أَحَاطَ بِها) قال : خيبر ، أمّا الأخرى فهي فارس والروم(٢).
وروى الذهبي عن ثابت البناني أنّه قال : «كنَّا إذا قعدنا إلى عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، قال لرجل : اقرأ القرآن ، فإنّه يدلّني على ما تريدون ، نزلت هذه الآية في كذا ، وهذه الآية في كذا»(٣). وأنت واقف له على اجتهادات كثيرة في كتب الفقه المختلفة في العبادات والمعاملات والأخبار.
وهو أيضاً من عبَّاد الكوفة الصالحين ، كان إذا صلَّى أطال صلاته ، حتّى روي أنّه إذا دخل داخل عليه وهو يصلّي نام على فراشه(٤) لطولها. وإذا انتهى من صلاة الصبح نشر القرآن وقرأ حتّى تطلع الشمس(٥). وله بيت فيه مصاحف يجتمع إليه القرَّاء به ؛ ومن نبله وكرمه أنّهم لا يتفرّقون منه إلاّ عن طعام. وروي أنّه كان يرتدي مُطرفاً من الخزِّ ، فلمّا تقطّع أعطاه لحائك كي يعيد نسجه ، وطلب منه ألا يجعل فيه حريرًا وأن يجعل سداه من الكتَّان أو
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٤/٢٦٣برقم ٩٦.
(٢) الطبقات ٢/١١٥.
(٣) سير أعلام النبلاء ٤/٢٦٣ برقم ٩٦.
(٤) سير أعلام النبلاء ٤/٢٦٤ برقم ٩٦.
(٥) الطبقات ٦/١١١ ، وانظر أيضاً سير أعلام النبلاء ٤/٢٦٣ برقم ٩٦.