المرحلة الثانية :
ومن ثمّ ابتدأت المرحلة الثانية للتفسير الشيعي تزامناً مع تأليف التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ، وقد صنّف هذا التفسير في جوٍّ من المعترك الفكري لحاضر بغداد العلميِّ في القرن الخامس الهجري ، حيث ضمّت هذه المدينة إليها جموعاً من علماء الشيعة ومتكلّمي المعتزلة وفقهاء ومفسّري أهل السنّة ، وذلك قبل قرن تقريباً من تأليف هذا التفسير ، وقد ألّف قبل الشيخ الطوسي بفترة قصيرة كلّ من العالمين والأديبين الشيعيّين الشريف الرضيّ (٣٥٩ ـ ٤٠٦ هـ) وأبو القاسم الوزير المغربي (٣٠٧ ـ ٤١٨هـ) في بغداد تفسيرين لم ينتحيا فيهما المنحى الروائي بل اعتمدا في تفسيرهما الأسلوبين الكلامي والأدبي ، فإنّ حقائق التأويل للشريف الرضيّ ـ حيث لم تصل إلينا منه نسخةٌ كاملةٌ ـ فإنّه يختلف اختلافاً كبيراً مع سائر التفاسير الروائية التي أُلّفت قبل عهد الشيخ الطوسي ، وكثيراً ما أهتمّ بالمواضيع الأدبية والكلامية في تفسير القرآن ، وله شبه كبير بكتاب التبيان للشيخ الطوسي من هذه الناحية ، ولكن ولأسباب لم يعدّ هذا التفسير أنموذجاً للمفسّرين فيما بعد في تدوين تفاسيرهم ، فإذا استثنينا المفسّرين الأخباريّين في العهد الصفوي فإنّ عامّة المفسّرين الشيعة اتّبعوا في تفاسيرهم طريقة التبيان نموذجاً لهم وذلك إمّا بشكل مباشر أو بواسطة مجمع البيان للطبرسي ، حيث يمكننا هنا الإشارة إلى بعض الأدلّة التي تؤيّد هذا المعنى في هذا المضمار :
أوّلا : إنّ مقام الشيخ الطوسي ومنزلته العملية بين علماء الشيعة سواء