في أيّام حياته وما بعدها كانت أقوى بكثير من مقام ومنزلة الشريف الرضيّ علميّاً ، حيث إنّ الشيخ الطوسي يعدّ أكبر فقيه ومحدّث ورجاليٍّ شيعيٍّ على مدى القرون الوسطى الهجرية ، في حين أنّ الشريف الرضيّ كان أكثر ما يعرف بأسلوبه الأدبيِّ.
إنّ تطوّر المنهج التفسيريِّ الشيعيِّ كان بحاجة ماسّة إلى شخصيّة مثل الشيخ الطوسي ، حيث احتلّ اسمه على مدى القرون الوسطى الهجرية مقام الصدارة بين الفقهاء والمحدّثين والرجاليّين.
والأمر الآخر هو أنّ الشريف الرضي لم يعتمد في تفسيره قط المواضيع التفسيرية الشيعية المؤلّفة قبل عهد الشيخ الطوسي ، في حين نراه كثيراً ما كان يعتمد على الآراء الأدبية والأقوال الكلامية للمعتزلة آنذاك ، وبعبارة أخرى فإنّه على العكس من الشيخ الطوسي إذ لم ينتهج الاعتدال والوسطية في تفسيره بل أوجد تغييراً جذريّاً في التفسير الشيعيّ.
بغضّ النظر عن تفسير الشريف الرضي فإنّ هناك تفسيراً آخر لأبي القاسم الحسين بن علي المعروف بالوزير المغربي تحت عنوان المصابيح في تفسير القرآن ، وعلى الرغم من أنّه ألّف قبل عهد الشيخ الطوسي وأنّ الشيخ الطوسي كان قد اعتمده في تفسيره التبيان إلاّ أنّه لم يكن أنموذجاً للمفسّرين فيما بعد وذلك لكثرة توجّه الوزير المغربي إلى الجانب اللغوي والأدبي في تفسيره (١).
__________________
(١) أقوم حاليّاً بتصحيح وتحقيق هذا التفسير الشيعي القيّم.