الميلادي أو الزمن المعاصر أو تفاسير القرن الرابع عشر الهجري.
إنّ انفتاح الشيعة على العالم الجديد من جهة ، والتقارب الذي حصل مع أبناء السنّة من جهة أخرى ، مضافاً إلى العهد الجديد في المسائل الحقوقية والعلمية والاجتماعية والسياسية كلّ ذلك أجبر المفسّرين المعاصرين إلى تغيير أسلوبهم في التفسير ، فكلّما طوى المفسّرون شوطاً وابتعدوا عمّا سلف من قبلهم من مراحل التفسير وواجهوا أسئلة جديدةً واستخدموا آليّات متنوّعة فإنّ مدوّناتهم التفسيرية أصبحت تختلف اختلافاً كبيراً عمّا دوّن قبل القرن الرابع عشر الهجري(١) ، إلاّ أنّ هناك عنصرين أساسيّين بقيا جزءً من الموروث
__________________
(١) وبالرّغم من أنّ بعض المفسّرين المتأخّرين قد أدركو العصر الجديد إلاّ أنّ ذهنيّتهم العلمية والفكرية لا زالت مرتبطة بالماضي ، فمثلاً إنّ السيّد محمّد الحسيني الشيرازي في العراق ألّف تفسيراً مزجيّاً بسيطاً وسلساً تحت عنوان تقريب القرآن إلى الأذهان في خمس أجزاء (سنة ١٣٨٩ هـ) من دون ذكر أيّ من المسائل اللغوية ، أو النحوية أو سبب النزول أو القراءات أو الكلامية ، ولم يذكر حتّى نصّ الروايات ، فعند المقارنة بينه وبين تفسير من وحي القرآن للسيّد محمّد حسين فضل الله والتفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي نرى هذه الأخيرة تتناول الكثير من المواضيع والتساؤلات التي يتعرّض لها المفسّر في الزمن المعاصر ، وإنّ تفسير كيوان القزويني (١٢٧٧ ـ ١٣٥٧ هـ) هو نموذج آخر من تأليفات الزمن المعاصر ولكنّه بعيد كلّ البعد عن مسائل عصره وعن الجوّ العلمي السائد في الحوزات العلمية الشيعية ، فإنّه قد فسّر القرآن بالأسلوب الكلامي والفلسفي العرفاني ، وقد اعتمد في موضع الاستدلال على المدلول اللفظي للآيات فقط ولم يستند على أيّ حديث أو رواية عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهمالسلام وطبع هذا التفسير في سنيّ ١٣٤٣ ـ ١٣٤٧ هـ في خمسة أجزاء وقد أعيدت طباعته حديثاً بتصحيح وتنقيح جعفر پژوم.