بمرور الزمن ، فأصبحت من المدن الإسلامية الآهلة بالسكّان ، وتميّزت بتنوّع عِرقي لا مثيل له في المدن الأُخرى.
والذي يبدو ومن خلال سياق تاريخ كربلاء وحرم الإمام الحسين عليهالسلام ، أنّ السكن في مجاورة قبر الإمام الحسين عليهالسلام في عصر الدولة الأموية لم يكن ممكنا لشيعته ومحبّيه للظروف الأمنية الصعبة آنذاك ، فكان زوّاره يكتفون بمراسم الزيارة للقبر الشريف سرّاً ، متحمّلين من أجل ذلك الأخطار الجسام والأهوال ، والتي قد تكلّفهم حياتهم في بعض الأحيان.إلاّ أنّه وبعد سقوط الدولة الأموية ، وقيام الدولة العبّاسية ، واستقرار الوضع الأمني ـ نسبيّاً ـ بدأت رحلة الزيارة من قبل الشيعة لمرقد الإمام الحسين عليهالسلام بشكل علني وظاهر ، وكان على القبر الشريف ومنذ زمن بني أُمية سقيفة ومسجد ، واستمرّ ذلك إلى زمن هارون الرشيد من بني العبّاس ، ولكن لا يعلم أوّل من بنى ذلك ... ويدلّ الخبر الذي رواه السيّد ابن طاووس في الإقبال أنّه كان سقيفة لها باب في آخر زمن بني أُمية وبقيت هذه القبّة إلى زمن الرشيد ، فهدمها وكرب موضع القبر وكان عنده سدرة فقطعها ... ثمّ أُعيد ـ أي البناء ـ على زمن المأمون وغيره(١).
وفي النصف الأوّل من القرن الثالث الهجري ، كثر زوّار الإمام الحسين عليهالسلام وبني حول قبره الشريف المنازل والدور ، حتّى برزت إلى الوجود
__________________
(١) أعيان الشيعة : ٢ / ٤٥٩ ـ ٤٦٠.