أهمّية المدوّنات التفسيرية في القرون الأولى ، وبالرغم من كلّ ذلك لا هو ولا المؤمنون به من أتباعه ـ مثل آندرويپين ونورمن كالدر ـ لم يكن لديهم أيّ توجّه إلى مدرسة التفسير الشيعي (١) ، إلاّ أنّ انتقاء نماذج التفسير التي قام بها جان ونزبرو لأوّل مرّة بأسلوب ممنهج والتي رسم معالمها في الفصل الرابع من كتابه المطالعات القرآنية (٢) قد جعلنا في خضمّ موضوع التفسير وتاريخ تطوّره في القرون الثلاثة الأولى إلى ما قبل تصنيف تفسير الطبري ، ومن بعد ذلك فقد استقلّ علم التفسير إلى جانب سائر العلوم الإسلامية استقلالا ذا أصالة تميّزه عن غيره ، فقد صُنّفت في تلك الحقبة كتبٌ مثل التبيان للشيخ الطوسي والكشّاف للزمخشري ، وقد نشأت في تلك الحقبة آليّات ومناهج تفسيرية متنوّعة ومتداخلة ، بحيث انتقى كلّ مفسّر لكتابه ما يروق له ويذهب إليه ذوقه ويحدّده ما لديه من العلم وانتمائه المذهبي والظروف التي يعيشها زمنيّاً ومكانيّاً.
__________________
(١) لا يخفى أنّ نورمن گالدر له باعٌ في معرفة المذهب الشيعي ولكن جميع مؤلّفاته جاءت لتبحث في مجال الفقه الشيعي ، ولا يخفى أنّ ونزبرو كان قد تطرّق إلى دراسة بعض الجوانب التفسيرية لعلي بن إبراهيم القمّي ولكن بشكل ناقص.
انظر : Qur\'anic Studies,P.١٤٦,٢٤٥
وإنّ رابرت گليو هو الوحيد من بين تلامذة گالدر الذي تطرّق إلى جانب من تاريخ التفسير الشيعي وهو التفسير الأخباري للحقبة الصفوية ، حيث إنّ هذه الحقبة من تاريخ التفسير الشيعي أساساً لا تمتّ بصلة إلى عهد النشأة الأولى لتفاسير الشيعة. انظر : Gleave,PP.٢١٦ ـ ٢٤٤
(٢) المطالعات القرآنية : ١١٩ ـ ٢٤٦.