في منامه ، وربّما اجتمعت النبوّة والرّسالة في واحد » (١) .
وقيل : في توصيفه ب « الرّسول » إشعار بأنّه صاحب كتاب ، وب « النبيّ » إيماء إلى أنّه صاحب المعجزة.
وقيل : إنّما سمّاه رسولا بالإضافة إلى الله ، نبيا بالاضافة إلى الخلق (٢) .
وعن الزجّاج : معنى الامّي الذي هو على صفة امّه العرب ، قال صلىاللهعليهوآله : « إنّا امّة اميّة ؛ لا نكتب ولا نحسب » فالعرب أكثرهم ما كانوا يكتبون ولا يقرأون (٣) .
ومن المعلوم أنّ كونه اميّا بهذا المعنى من أعظم معجزاته ، فإنّه لو كان يحسن الخطّ والقراءة لصار متّهما بأنّه ربّما طالع كتب الأوّلين والآخرين. فحصّل هذه العلوم بتلك المطالعة ، فلمّا أتى بالقرآن العظيم المشتمل على علوم الأوّلين والآخرين من غير تعلّم ومطالعة ، كان ذلك من جملة معجزاته الباهرة.
وقيل : إنّ المراد من الامّي : المنسوب إلى امّ القرى.
عن ( المجمع ) : عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل لم سمّي النبيّ بالامّي ؟ قال : « نسب إلى مكّة ، وذلك من قول الله : ﴿وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها﴾(٤) وامّ القرى مكّة ، فقيل امّي لذلك » (٥) .
وعن الجواد عليهالسلام أنّه سئل عن ذلك ، فقال : « ما يقول النّاس ؟ » قيل : يزعمون أنّه إنّما سمّي بالامّي لأنّه لم يحسن أن يكتب الخطّ ، فقال : « كذبوا لعنهم الله ، أنّى ذلك والله يقول : ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ﴾(٦) فكيف كان يعلّمهم ما لا يحسن ، والله لقد كان رسول الله يقرأ ويكتب باثنين وسبعين - أو قال : ثلاثة وسبعين - لسانا ، وإنّما سمّي الامّي لأنّه كان من أهل مكّة ، ومكّة من امّهات القرى ، وذلك قول الله عزوجل : ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها﴾(٧) .
ثمّ استدلّ سبحانه على صحّة نبوّته بقوله : ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ﴾ عن الباقر عليهالسلام : « يعني اليهود والنّصارى ، صفة محمّد صلىاللهعليهوآله واسمه [﴿مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾](٨) .
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « قال يهودي لرسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّي قرأت نعتك في التّوراة ( محمّد بن عبد الله مولده بمكّة ، ومهاجره بطيبة ، ليس بفظّ ولا غليظ ، ولا سحار (٩) ولا متزين بالفحش ولا قول
__________________
(١) الكافي ١ : ١٣٥ / ٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٢.
(٢) تفسير روح البيان ٣ : ٢٥١.
(٣) تفسير الرازي ١٥ : ٢٣.
(٤) الأنعام : ٦ / ٩٢.
(٥) مجمع البيان ٤ : ٧٤٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٢.
(٦) الجمعة : ٦٢ / ٢.
(٧) علل الشرائع : ١٢٤ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٢.
(٨) تفسير العياشي ٢ : ١٦٤ / ١٦٣٠ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٢.
(٩) في أمالي الصدوق : ولا صخّاب.