الخنا ) وأنا أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّك رسول الله ، هذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله » (١) .
عن الباقر عليهالسلام : « لما انزلت التّوراة على موسى عليهالسلام بشّر بمحمّد صلىاللهعليهوآله » قال : « فلم تزل الأنبياء تبشّر به حتّى بعث الله المسيح عيسى بن مريم فبشّر بمحمّد ، وذلك قوله : ﴿يَجِدُونَهُ﴾ يعني اليهود ، [ والنصارى ]﴿مَكْتُوباً﴾ يعني صفة محمّد ﴿عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ﴾ وهو قول الله عزوجل يخبر عن عيسى : ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾(٢) .
روي « أنّ موسى ناجاه ربّه تعالى فقال له في مناجاته : اوصيك يا موسى وصيّة الشّفيق المشفق بابن البتول عيسى بن مريم ، ومن بعده ؛ بصاحب الجمل الأحمر ، الطيّب الطّاهر المطهّر ، فمثله في كتابك أنّه مهيمن على الكتب كلّها ، وأنّه راكع ساجد راغب راهب ، إخوانه المساكين ، وأنصاره قوم آخرون » (٣) .
أقول : لو فرضنا أنّه لم توجد رواية في وجود اسمه في الكتابين لعلمنا بوجوده فيهما ؛ لأنّه لو لم يكن مع صراحة القرآن بوجوده ووجود نعوته فيهما لأنكر عليه أهل الكتاب ، وصار كذبه أظهر من الشمس في رائعة (٤) النّهار.
ثمّ عدّ سبحانه من صفاته الكريمة المكتوبة في الكتابين أنّه صلىاللهعليهوآله ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ ويحثّهم على العمل بالمحسّنات العقليّة ﴿وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ ويزجرهم عن القبائح ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ﴾ واللّذائذ التي لا خساسة فيها ولا ضرر ؛ من المأكولات والمشروبات ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ﴾ وما تتنفّر منه الطّباع ، وما يتضرّر منها ﴿وَيَضَعُ﴾ ويرفع ﴿عَنْهُمْ﴾ بإتيان الحنيفية السّهلة السّمحة ﴿إِصْرَهُمْ﴾ والتّكاليف الوجوبيّة الشّاقّة عليهم ؛ كوجوب قرض موضع النّجاسة من الثّوب والبدن ﴿وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ والمحرّمات الشّاقة ؛ كحرمة العمل يوم السّبت ، وأخذ الدية في القتل ، وحرمة التصرّف في الغنائم ، وحرمة الشّحوم ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ﴾ وبما جاء به ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾ وعظّموه بإطاعة أوامره ونواهية والتّسليم لأحكامه ﴿وَنَصَرُوهُ﴾ وأعانوه على أعدائه وفي ترويج دينه ﴿وَاتَّبَعُوا النُّورَ﴾ وهو القرآن ﴿الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾ وعن الصادق عليهالسلام : « النّور في هذا الموضع عليّ والأئمّة عليهمالسلام » (٥) ، وقيل : إنه الهدى والبيان والرّسالة (٦) ، و [ قيل : ] الحقّ الذي ظهوره في القلوب كظهور
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥٥٢ / ٧٣٧ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٣.
(٢) الكافي ٨ : ١١٧ / ٩٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٣ ، والآية من سورة الصف : ٦١ / ٦.
(٣) الكافي ٨ : ٤٣ / ٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٣.
(٤) في النسخة : رابعة.
(٥) الكافي ١ : ١٥٠ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٤٣.
(٦) تفسير الرازي ١٥ : ٢٥.