خبر الواحد ، فقد استطاع أن يتّخذ طريقاً وسطاً بين التقييد بالنصّ والإجتهاد في الأوساط العلمية في المدرسة الإمامية(١).
ـ لقد تلقّت آراء الشيخ الطوسي في كلِّ من علم الكلام والأصول والفقه قبولاً عامّاً في الأوساط العلمية الإمامية(٢) ، بحيث عدّت آراؤُه ومبانيه وفتاواه معياراً لآراء وفتاوى علماء الإمامية لأكثر من قرن حتّى واجهت في أواخر القرن السادس انتقاداً شديداً من قبل محمّد بن منصور ابن إدريس الحلّي (ت ٥٩٨ هـ) ، ثمّ انتهت بذلك تلك الحقبة التي أُطلق عليها عنوان (عصر التقليد)(٣) ، وبعد بضع عقود من الزمن مرّت على انتقادات ابن إدريس جاء دور جعفر بن الحسن الحلّي المعروف بالمحقِّق الحلّي (ت ٦٧٦ هـ) وتلميذه
__________________
(١) (انظر مقدّمه اى بر فقه شيعة : ٤٩ ـ ٥٠) ، و (گفتگو : ١١٧ ـ ١١٨ ، ١٢٠ ـ ١٢١) حيث يتوضّح من خلال ذلك ـ بشكل كلّي ـ أنَّ ما وضعه الشيخ الطوسي في المناهج العلمية في المدرسة الإمامية كان قد اقتبسه من علماء السنّة وإن لم تكن تلك المناهج آنذاك منسجمة مع طريقة السلف من علماء الإمامية ، ولا يسعنا مناقشة هذا الموضوع في هذه العجالة.
(٢) القزويني الرازي ـ مصنّف كتاب النقض الذي ذكر فيه الشيخ الطوسي بالعناوين التالية : «فقيه عالم ومفسّر ومقري ومتكلّم» ـ يذكر قائلاً إنّ فتوى الشيخ الطوسي هي ما يعتقد بها علماء الشيعة اعتقاداً كاملاً (النقض : ١٩١) ، وفي (منتهى المطلب : ١/١١) يذكر العلاّمة الحلّي إنّ علماء الإمامية اتّبعوا الشيخ الطوسي وأخذوا بآرائه من بعده ، وفي (معالم الدين : ١٧٦) أيضاً أشار المصنّف إلى تقليد فقهاء الإمامية لفتاوى وآراء الشيخ الطوسي.
(٣) (انظر مقدّمه اى بر فقه شيعه : ٥٠ ـ ٥٢) للاطّلاع على حقبة الشيخ الطوسي وتقليد علماء الإمامية لآرائه.