بالنخل والزرع ..».
لقد كان لهذه المدينة بموقعها الجغرافي المتميّز وأنهارها الجارية ، وأرضها الخصبة ، وقراها المتّصلة بها .. اقتصاد قويٌّ ، وموارد ماليّة كبيرة أدّت إلى ازدهارها ورفاه أهلها ماليّاً ، ممّا انعكس إيجابيّاً على أبنائها ممّن تفرّغ لطلب العلم في حوزتها الدينية ، إذ كان أغلبهم ممّن ينتسب إلى الحلّة أو إلى قراها المجاورة لها كالنيل ، وبرس ، وسورى ، والسيب ، والعتائق .. وغيرها ، من القرى الكثيرة والتي تتفرّع منها قرى أُخرى كما هو في قرية النيل التابعة للحلّة ، والواقعة على نهر النيل ، حيث يقول المؤرّخون بأنّه «كان على نهر النيل أربعمائة قرية آهلة بالسكّان»(١).
ثانياً : كرم الأُمراء المزيدين :
لقد بدأت النهضة العلمية والأدبية في الحلّة منذ مصّرها الأمير سيف الدولة صدقة بن مزيد مؤسّس الدولة المزيدية وباني مجدها التليد.
وقد عرف الأمير صدقة ومن تلاهُ من أُمراء هذه الأمارة الكريمة بسجايا ومكارم كثيرة من أهمّها ، محبّتهم للعلوم والمعارف ، وكرمهم «ولغرام أُولئك الأُمراء الكرام بالعلوم والآداب ، كانوا يدنون منهم مجالس أرباب العلوم والأدب ، وينتشلونهم من مهاوي البؤس والفاقة .. لذلك تقاطر إليها العلماء والأُدباء والشعراء ليتمتّعوا بحرّية تامّة وعيشة راضية ، فرسخت فيها الروح
__________________
(١) نفس المصدر ١ / المدخل ص ١ وما بعدها.