الإلهية وذلك بأنّها الطريق الوحيد لمعرفة الباري عزّ وجلّ ـ وإنّ معرفته تبارك وتعالى فوق المبادئ العقلية والإدراكات البشرية ـ كما يتطرّق إلى وجوب النظر وذلك بعنوان أنّه مقدّمة نفتقر إليها في جميع الأفعال الواجبة في التكاليف العقليّة والسمعيّة(١).
إنّ ترتيب المباحث في باب أصول الدين من الغنية قد جاءت مبتنيةً أيضاً على نفس المباني الواردة في الفصلين الآنفين ـ إثباتاً أو نفياً ـ فقد افتتح ابن زهرة هذا الباب بالتوحيد ثمّ شرع في مبحث العدل ، وبناءً على الأصلين المذكورين شرع بمبحث النبوّة أردفه بمحبث الإمامة ، بناءً على الأصلين المذكورين ختم كلامه بمبحث المعاد.
وبعد ذكر الفصلين والكلام فيهما يأتي دور النصّ الأصلي للكتاب الذي اشتمل على : أصول الدين ، أصول الفقه ، فروع الفقه ، وبناءً على ما ذكرناه فقد توضّح دليل تقدّم القسم الأوّل (أُصول الدين) على القسم الثالث (فروع الفقه) إلاّ أنّ (أُصول الفقه) قد توسط بين هذين القسمين وقد جاء قبل (فروع الفقه) بعنوان القسم الثاني من هذا الكتاب ، حيث أخذ ابن زهرة يتكلّم في أوّل القسم الثاني (أصول الفقه) عن ضرورة تقدّم أصول الفقه على فروعه قائلاً : «لمّا كان الكلام في فروع الفقه مبتنياً على أصول له ، وجب الابتداء بأُصوله ثمّ إتباعها بالفروع ، لأنّ الكلام في الفروع من دون إحكام أصله لا
__________________
(١) غنية النزوع : ٢٢ ـ ٢٣ النسخة المصوّرة : ٤.